قال الضَمِير المُتَكَلّم: أمسِ والذي قبله كان الحديث عن كتاب (موجبات تغيير الفتوى في عصرنا)، للشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، وقد ذكر فيه أن موجبات تغيير الفتوى في عصرنا عشر عرضنا منها: (التغير المكاني، والزماني، وتغير الحال، والعُرْف، وتغير المعلومات الشرعية أو الحياتية، وتغير حاجات الناس في عصرنا، وتغير قدراتهم)، وبقي من موجبات تغيير الفتوى التي ذكرها الشيخ القرضاوي: الثامن وهو عموم البلوى ببعض الأشياء: فالفقهاء جعلوا عموم البلوى من المخففات، فعموم الابتلاء بالشيء دليل على أن الناس بحاجة إلى هذا الشيء، والشرع يقدر حاجاتهم، فمثلاً قضية اللحية، فهناك من العلماء من شدد في أمرها، فمنهم مَن قال: إن حلقها حرام، وقيل: مكروه، وبعضهم لا يقبل شهادة الحليق، ولكن في عصرنا لا بد أن نخفف، لأن هناك بلادًا إسلامية بأسرها جمهور الناس فيها لا يطلق اللحية، فكل هؤلاء ماذا يكون موقفنا منهم؟ وهل من المقبول اعتبارهم جميعًا ساقطي الشهادة؟! وأمّا التاسع فهو: تَغيُّر الأوضاع الاجتماعية والسياسية، فهذا واقع تقتضيه سنَّة التطور، فكثير من الأشياء تتغير وتتغير نظرة الناس إليها، ولكن بعض المشايخ أو العلماء، يعيشون في الكتب، ولا يعيشون في الواقع، بل فقه الواقع غائب عنهم، لأنهم لم يقرؤوا كتاب الحياة، كما قرؤوا كتب الأقدمين، وهؤلاء هم الذين أفتوا بعض الشباب أن عليهم أن يحاربوا العالم كله دون مراعاة لتغير الأوضاع الحياتية والكونية! وعاشر موجبات تغيير الفتوى عند القرضاوي: تغيّر فكر المجتهد ورأيه بناء على سعة إطلاعه، ونظره في فكر المدارس المختلفة، ومقارنة بعضها ببعض، أو بناء على تأمّل ومراجعة ينكشف فيها ما كان خافيًا، ويظهر ما كان غامضًا، بحيث يتغير -نتيجة لذلك- رأي المجتهد وحكمه، فقد يتغير فكر العالم تغيّرًا جذريًّا، بمقتضى مؤثرات شتّى، فينتقل من التشديد، والتعسير إلى التخفيف والتيسير! أخيرًا في عصرنا اليوم المفتي الحق هو الذي يحسن فقه النصوص الشرعية، ويجيد فهم الواقع، فلا يكتفي أن ينظر إلى ما هو واجب، بل ينظر إلى ما هو واقع، مزاوجًا بين الواجب والواقع، وكتاب (موجبات تغيير الفتوى في عصرنا) للدكتور يوسف القرضاوي معين للمفتي، وجدير بالقراءة والدراسة في زمن كثر فيه الحديث عن الفتوى!! ألقاكم بخير والضمائر متكلّمة. فاكس : 048427595 [email protected]