لا أسهل من أن تتوه عن طريق خالقك إلّا سهولة أن تكتشف ذلك ؛ انتشرت في الآونة الأخيرة في مواقع التواصل الاجتماعي حسابات مُسيئة ومتحدية للذات الإلهية والملائكة والرُّسل بشكلٍ فجّ ومباشر بأسماء وألقابٍ مستفزّة وكتابات أقلّ ما يُقال عنها أنّها غير مؤدّبة ، لم يردع من يقفون خلفها خوفٌ من الله ولم تمنعهم تربيةٌ ولا خُلُقٌ عن سُوء ما يفعلون ، ما أردت التنبيه إليه هو أمران لم آتِ بهما جزافاً بل توصلت لهما بعد أن تتبعت ثلاثة حسابات من هذه النوعيّة خلال الأسبوعين الماضيين ، شيء يشيب له الرأس وتشمئزّ منه النّفس مهما كانت عقيدتها مسلمة أو غير مسلمة ، أعود لما أردت الإشارة إليه وأقول أنّني لاحظت بأنّ هذه الحسابات عابثة لا أهداف فكريّة وراءها ولا مُعتقد ينشرونه ويُدافعون عنه ولا يحزنون ، هدفها استفزاز النّاس فقط وخلق هالة وضجّة حولها أجزم بأنّها كنزعة التمرّد في الكتابة على الجدران لا أقول ذلك لأهوّن من الأمر وإنّما هو تشخيصي بعد المتابعة الفاحصة والتقصي وراء حتى التعليقات والصدام مع الناس ، لا أسماء حقيقيّة ولا فكر ولا مُعتقد يقدّمونه ويُدافعون عنه من خلال تعليقاتهم بذاءةٌ وقِلّة أدب تُقدّم على طبق قِلّة أدب مع الله ومع خلقه ، الأمر الذي أزعجني هو إعلان بعض الإخوة عن هذه الحسابات بطيب نوايا لا أشُكّ في ذلك أبداً ، يُعلنون لمحاربتها ومحاولة إغلاقها فتأتي النتيجة غالباً عكسيّة ويتحقّق مُراد أصحابها هذا من جِهَة ، بينما لو تجاهلوها لعادت تلك الفئران إلى جحورها ، من جهةٍ ثانية لاحظت أنّ بعض الأخوة الغيورين على دينهم ولأكُون واضحاً فهي ليست مذمّة أقصِد الأسلامويين تحديداً يهاجمون هذه الحسابات ويستشهدون بما كُتِب بها على أنّ هذه هي الليبرالية وهذه مؤامرة التغريب والفكر الإلحادي الذي غزانا, كل هذه الأشياء بدأت تؤتي أكُلُها متخذين منها وسيلةً لتصفية الحسابات ليست في صالح كل التيارات ولا بصالح الوطن ولا مواطنيه قبل كل شيء ، لو تفحصوا الأمر قليلاً لتوصلوا إلى أنّ المسألة مجرّد عبث صبياني لا فكر ولا معتقد ولا إيمان بما يُكتَب ، ولا أستبعد أبداً أن يكون من ضمن أهداف أصحاب هذه الحسابات إشعال نار التيارات في المجتمع ، بمعنى أنّ من فتح هذا الحساب بشماله ليرتدي ثوب الإلحاد الوهمي قادرٌ ولا أستبعد هذا الأمر بتاتاً على فتح حساب محافظ متطرّف يكفّر ويهاجم ويطعن ويُشوّه الدين بلا ذمّة ولا ضمير ، ليتفرّج على المشهد وهو يشرب كاسة شاي منعنع وينفث أحلى سيجارة ! من المسؤول عن ظهور مثل هذه النماذج ؟ وكيف يتمّ علاجها ؟ ومن ثمّ القضاء عليها ، هذه هي الأسئلة المهمّة التي يجب أن تتوقف عندها الأسرة والمدرسة والتربويون وخطباء المنابر والمسؤولون ، أمّا إن ظلّ الوضع على ما هُو عليه .. فقد ( ضَلّ ) الوضع على ( ما هَوَى ) إليه !