أ. نجيب الخنيزي - عكاظ السعودية لإضفاء المشروعية على ممارساتها لجأت بعض النظم والنخب الحاكمة إلى إعادة تعويم وتفسير الإسلام وإصدار الفتاوى، من خلال (المؤسسة الدينية الرسمية).. المؤسسة الدينية الرسمية في مصر مثال ساطع على ذلك. فقد كانت على الدوام (مع وجود استثناءات فردية مثلها رجال دين متنورون ومستقلون) خير معبر عن إرادة السلطة في كل العهود والنظم (الملكية والجمهورية) التي شهدتها مصر، فقد انحازت إلى القصر أيام الملك فؤاد حين كان يطمح إلى الخلافة، وحاربت بعنف صدور كتاب الإسلام وأصول الحكم الذي ألفه الشيخ الأزهري علي عبدالرازق ردا على دعوة القصر، لاستعادة الخلافة في شخص الملك فؤاد، ووصل الأمر إلى حد تكفيره وفصله من القضاء. هذه المؤسسة الدينية نفسها أخذت تنحو منحى آخر في المرحلة الناصرية (إثر ثورة 23 يوليو/ تموز 1952م (وخصوصا موقف السلطة الجديدة من محاربة التعددية الحزبية والديمقراطية، حيث جرى الترويج لمقولة المستبد العادل، وبعد تبني الشعارات الاشتراكية من قبل عبدالناصر، اكتشفت المؤسسة الدينية إلا أنه لا تعارض بين الاشتراكية وبين الإسلام الذي ينص على فكرة العدالة الاجتماعية. أما مع نظام السادات فقد جرى الترويج من قبل المؤسسة الدينية ذاتها، للسياسات الجديدة، وخصوصا ما سمي الانفتاح ودولة العلم والإيمان، وموضوع إنهاء الصراع مع إسرائيل، والصلح والتطبيع معها. وقس على ذلك. الأمر ذاته ينطبق على المؤسسات الدينية الرسمية في البلدان العربية الأخرى، حيث يخضع توظيف الدين وتفسيره وفقا لإرادة النخب الحاكمة. وفي الواقع فقد نشأ تحالف مصلحي (دائم أو مؤقت) ومواقف مشتركة بين الأنظمة الحاكمة، والمؤسسات الدينية الرسمية، والحركات الأصولية، خصوصا إزاء قضايا حاسمة مثل الديمقراطية والحريات العامة والخاصة، والوقوف ضد نفوذ وتأثير التيارات المعارضة (وفقا لطبيعة هذا النظام أو ذاك) التي قد تكون ليبرالية أو قومية أو يسارية، أو مزيجا من كل ذلك، ولم يحدث قطع أو توتر بينهما، إلا في حال بروز تطلعات وأهداف وتهديدات راديكالية من قبل الحركات الأصولية.. وللحديث صلة.