دائماً ما تطرح أسئلة تتناول نهاية هذه الظاهرة أو تلك. وربما كتبتُ مراراً عن حكاية "نهاية الورق"، ويقاس على ذلك الطرح بقية الأشياء التي يتساءل الناس عن نهايتها، هل تنتهي "المنتديات" بعد مواقع التواصل الاجتماعي، وهل تنتهي الأجهزة المكتبية بعد انتشار الأجهزة اللوحية والشخصية؟! كلها أسئلة تدل على أن فكرة نهاية هذه الظاهرة أو تلك أصبحت تشكل حالة قلقٍ بالنسبة للبعض، إذ يتوقون إلى الأجوبة الحاسمة، يقلقهم انتشار المعلومة على الإنترنت وعدم تفرد الصحف بشيءٍ إخباريٍ يذكر ومع ذلك تبقى كل هذه المدة، منذ بدأ الفوران التقني. ولعلي أفرق مبدئياً بين الورق وبين الصحف وبين المنتديات وبين مواقع التواصل الاجتماعي. نهاية الورق مستحيلة عملياً في العصر الحالي، لأنها ترتبط بالتوثيق الحقيقي الذي يطول أمده، لا تزال الأوراق هي المعتمدة في كثيرٍ من شؤون البشرية، القانونية والاجتماعية والإنسانية والصحية، كل شيء يسجل بالورق، والأرشفة الإلكترونية من العوامل المساعدة والداعمة، لكنها ليست هي النهاية، بل ربما تعطل الجهاز، أو فقدت الذاكرة، لكن الورق في الخزائن لا يصيبه الخطر الذي يصيب المعلومات الإلكترونية. أما نهاية الصحف الورقية فهذا أمر مستبعد حالياً، وتوجه بعض الصحف للإنترنت فقط لا يعبر عن انتصار الورق بقدر ما يعبر عن الإرهاق المادي. الصحف التي لديها المال لا تزال متمسكةً بالنسخة الورقية. ويتداولها الناس في المقاهي والجلسات وإن بشكلٍ أقل مما هو عليه من قبل. أما أن ظاهرتي "تويتر" و"فيسبوك" هل تنهيان المنتديات، فهو سؤال قريب من سؤال نهاية الصحف في نتيجته، بقيت المنتديات حتى الآن، وهي محبوبة لدى فئة غير قليلة من الناس، صحيح أن الغلبة الآن لمواقع التواصل الاجتماعي لكن للمنتديات روادها أيضاً. قال أبو عبدالله غفر الله له: طرح أفكار حول نهايةٍ ما هو تعبير عن قلق في الخيارات وفي فكرة "الاختيار" حين يختار البعض متعةً في التعبير والطرح يظنّ أن خيارات الآخرين ستنقرض، حين يحب الصحيفة الإلكترونية يظنّ أن خيارات الآخرين الذين أحبوا الصحيفة الورقية ستنقرض. الكثير مما نسأل عن نهايته لن ينقرض ما دام خياراً لغيرنا، فلا تذهب بنا نرجسيتنا إلى نهايات غير معقولة.