رقية سليمان الهويريني - الجزيةر السعودية برغم كل الاحتياطات التي تقوم بها الأسر للمحافظة على بناتهم؛ إلا أن بعض الفتيات يقاومن كل أنواع الحراسات ويجلبن لأنفسهن الخزي ولأهاليهن العار! ووجود هذا الأمر وتكراره يستوجب إعادة النظر بأساليب التربية الحالية، لا سيما حين نسمع عن فتاة تدرس في المرحلة الجامعية وقد تجاوزت العشرين عاما تتجاوب مع إغراءات وافد عربي يعمل في توصيل الطلبات للمنازل، وينتهي بها الأمر بخروجها معه مقابل ثلاثمائة ريال والقبض عليهما من لدن هيئة الأمر بالمعروف والستر عليها. وأرجو ألا نكتفي بالحوقلة والأدعية المعتادة والتأوه وإطلاق عبارة (يا الله لا تبلانا) بل يحسن التأمل في سبب المشكلة ودوافعها. ولا يمكننا إطلاقا تجاهل ظاهرة التوصيل المنزلي، تلك المصيبة الحضارية التي حلت علينا دون ضوابط، حتى وصلت للمبالغة! فكل من فكر بتناول وجبة غذائية أو طلبات من البقالة القريبة لا يكلف نفسه أكثر من عناء الاتصال، فيجد من يغريه بالتوصيل السريع. فلا تعجب حين ترى سيارات التوصيل المنزلي والدراجات تتجول في الشوارع وتسبب ازدحاما شديدا، وعندما تكون البقالة قريبة تكتفي بالعمالة الراجلة، واختلط الحابل بالنابل حتى ترى تلك العمالة تجوب الشوارع تقدم خدماتها وشرورها إلى منازلنا. كما لا يمكن إغفال هوس شبابنا بالنقود وشره الاستهلاك حتى باتت بناتنا تستغل بها. وتلك الفتاة كانت ضحية لابتزاز وافد أجنبي مقابل مبلغ ضئيل. فهل هان عليها شرفها أمام هذا المبلغ التافه؟! وهل كان الدافع حاجة برغم أن لديها أسرة قد تكفلت بالنفقة عليها، وتدرس في الجامعة وتستلم مكافأة أضعاف مبلغ الابتزاز؟ ومع الجزم أنه ليس ثمة دافع يدعو فتاة للتفريط في نفسها وشرفها، بدليل أن حالات الاغتصاب التي تتعرض لها الفتيات عنوة تبقى وسماً في النفس لا يبرأ أبدا، وتظل الفتاة تتذكره مهما انتسبت لأي مجتمع أو ثقافة أو ديانة. بل إن الدراسات الاجتماعية والنفسية تؤكد على ضرورة تهيئة الفتاة نفسيا للزواج برغم شرعيته. فما الذي دعا الفتاة للتفريط في أعز ما تملكه وهو أغلى من النفس والمال؟ هل كانت تلك الفتاة تجهل مغبة ذلك الفعل بقلة وعي وعدم إدراك لخطورة ما تقوم به وما تمارسه قلة من الفتيات دون فهم؟ أم هو ضعف وازع ديني؟ أم أن دافعها وجداني في ظل جفاف عاطفي من أسرة لم تهبها الحب ولم تغدق عليها الحنان؟ أم أنه الإهمال من لدن أسرتها التي لم تنتبه لهذا الغول الذي يتجهمها؟ أم هو الشره الاستهلاكي الذي ينخر في نفوس الشباب فيتخلون عن أخلاقهم في سبيل إشباعه؟ لا ريب أن واحدا من تلك الأسباب أو كلها مجتمعة كانت دافعا! فمن يتلمس الجرح ويداويه قبل أن نجد شبابنا في الهاوية فلا نستطيع إنقاذهم؟!