من المعروف أن لكل جريمة باعثا شريفا أو دنيئا يحفز على إتيان مادياتها باعتباره حالة نفسية داخلية ومحركة للسلوك، هذه القوة الداخلية قد تتأثر أيضا بعوامل خارجية، كما هو الحال بالنسبة للحملة الإعلامية المغرضة التي تتعرض لها مملكتنا من قبل أصوات نشاز وأقلام مأجورة، كما أن هذا السلوك المجرم قد يرتكب لتحقيق غاية معينة، كما هو الحال في السعي للفت النظر لحالة مزعومة وغير مبررة بهدف محاولة التأثير على سياسات الدولة أو وضعها محل ازدراء، هذه الفرضيات في نطاق القوانين الوطنية لا تعفي من عقوبات الجرائم بل على العكس ربما تسهم في تشديدها، وبحكم أن المتهم محامٍ، فهذا يستلزم استبعاد فكرة حسن النية في ظل معطيات تأهيله ومعرفته بتفاصيل القوانين والقناعة بإدراكه التام بما أقدم عليه، بما في ذلك معرفة أن المخدرات من الجرائم الخطيرة جداً بل وتكاد تكون هي الجريمة الوحيدة المجرمة عالميًا باتفاق جميع الدول، وبالتالي ربما القبول بفكرة المؤامرة الهادفة لتسليط الضوء على حالة غير حقيقية، ولعل من نافلة القول التذكير هنا بما استقر عليه قضاء النقض المصري عندما قرر:» أن الأصل عملا بالمادة الأولى من قانون العقوبات أن التشريع الجنائي المصري هو الذي يطبق دون غيره على من يرتكب في إقليم الدولة فعلا يعد جريمة حسب نصوص هذا التشريع أيا كانت جنسية مرتكب الفعل، وهو أمر تقتضيه سيادة الدولة على إقليمها»، فمن غير الصحيح القول بأنه يجوز لي ما لا يجوز لغيري، كما أن حالة التأجيج ليست مبرراً لتجاوز ما عهدته الدولتان من تقارب لإزالة أي سوء للفهم إن وجد، لأن العلاقات بين الدول يحكمها مبدأ الاحترام المتبادل القائم على الالتزام بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية ومبدأ المعاملة بالمثل، فلم ولن تكون القوانين والإجراءات المتخذة في هذا البلد يوماً مجالاً للمساومة أو للطعن في نزاهتها، لأنها تستمد قوتها وحجيتها من الشريعة الإسلامية السمحة.