لم يعتد السعوديون على مشاهدة إعلاميين من أبناء بلدهم ينفعلون ويخرجون عن النص دفاعا عن بلدهم، تماما كما فعل المذيعان داود الشريان على شاشة mbc وعلي العلياني على شاشة "روتانا خليجية"، كان العلياني والشريان يدافعان عن السعودية، بنفس نبرة هجوم بعض الإعلاميين المصريين الذين كالوا الشتائم للحكومة السعودية، وقاموا بعرض بعض مقاطع الفيديو لمصريين يشتمون الشعب السعودي. الشريان والعلياني كانا منفعلين، لكنهما لم يكونا أسوأ من الإعلاميين المصريين، ومع ذلك واجها انتقادات كثيرة على وسائل التواصل الاجتماعي تجاه النبرة المستخدمة منها. من حقهما الدفاع، والتنفيس عن مشاعر الملايين ممن أهينوا وتم التعدي على سفارتهم، لكن لأننا لم نعتد مشاهدة المذيعين السعوديين بهذا الانفعال، أو هذه النبرة التي هي دفاعية أكثر منها هجومية، قمنا بتوجيه سهام النقد لهما. التوانسة كان لهم قصب السبق في الثورة، وتجاوزوها لما بعدها، ونبذوا الخلافات، وعملوا على إصلاح الوضع الداخلي لهم. إعلامهم لم يشارك في حملات تهييج للرأي العام ضد الأشقاء. صنع البطولات في الشارع لن ينفع، بل يضر، وإذا كانت السعودية قد تعرضت لهذه الإساءات اليوم بناء على إشاعة تبين في النهاية أن بطلها مهرب مخدرات، فقد يتكرر المشهد ويطير الإعلام المصري بقضية أخرى وإشاعة أخرى ضد دولة عربية شقيقة. السعوديون الذين سهروا مع ثورة مصر، كثير منهم هاجم السلوك الغوغائي سواء لبعض الإعلاميين المصريين، أو من أولئك الذين كالوا أقذع الشتائم للسعوديين حكومة وشعبا. لا أحد يرضى بالإهانة، وكرامة المواطن المصري يجب أن يعمل الإعلام الخاص هناك على إعادتها عن طريق نشر الوعي والحقوق، بدل أن يصور الكرامة ورد الاعتبار على أنهما شتائم وتخريب وفوضى. نبرة الشريان والعلياني كانت عالية جدا، لا يمكن مقارنة مدتها بالساعات الطوال التي قضاها بعض غوغاء الإعلام المصري أمام الكاميرا ليعرضوا أسوأ ما لديهم. لكنها كانت مطلوبة، على الأقل لإيصال رسالة أن ساعتين تقريبا من برنامجين مختلفين قادرتان على صنع فرق، ورد اعتبار بسيط.