لا أدري على أي أساس يستطيع أي شخص أن يمنح نفسه ما شاء من ألقاب مثل مستشار اجتماعي أو مصلح أسري، خصوصا حين تكون النتائج كارثية كما حدث في البرنامج الإذاعي الذي انتهى بتطليق زوجة على الهواء مباشرة بعد النصيحة التي قدمها المصلح الأسري غازي الشمري للزوج الذي استشاره في سفر زوجته بمفردها.. الكوارث التي تسبب فيها بعض محدودي العلم والوعي الذين يتاجرون ببرامج الأوهام والغيبيات والخيال المريض كانت كافية لأن تتنبه لها جهات الرقابة الإعلامية وتردع الذين يستثمرونها في تغييب الوعي وتكثيف جرعات التجهيل. كان عليها إيقاف هؤلاء لاعتبارات أخلاقية والتزاما بمبادئ حقوق الإنسان التي تجرم كل الممارسات التي ينتج عنها ضرر جسدي أو عقلي أو نفسي على أي شخص، إلا أن ذلك لم يحدث للأسف وما زال السوق مفتوحا تتزايد فيه الدكاكين كل يوم. يقول «المصلح الأسري» غازي الشمري بحسب ما نشرته صحيفة الوطن يوم أمس إنه دفع الضرر الأكبر بضرر أصغر حين نصح الزوج بتطليق زوجته لأنه يعرف تفاصيل قضية الزوجين كاملة، وأن الأمر وصل بالزوج إلى تهديد زوجته بالقتل، وأنه حاول الاجتماع معهما لحل المشكلة لكن الزوجة كانت ترفض.. يا له من تبرير عجيب، فإذا كنت يا شيخ غازي تعرف تفاصيل القضية كاملة فما الذي يجعل الزوج يتصل بك في البرنامج إذا لم يكن هدفك إعطاء درس لجميع الأزواج الذين لديهم قضية كهذه بأن الحل هو الطلاق.. وإذا كنت تعلم أن الزوج يهددها بالقتل ألم يكن واجبا عليك إبلاغ الجهات المعنية لحمايتها من جريمة محتملة؟ وهل تعتقد أن طلاقه لها سوف يمنعه من ارتكاب جريمة القتل إذا قرر ذلك دون توفير حماية لها؟؟.. المشكلة أن الشيخ غازي يؤكد أنه من أكثر الناس محاربة للطلاق، وأنه يعمل على دراسة حالات الطلاق داخل وخارج المملكة، وإذا كانت هذه الحالة من ثمار جهوده فكم ستكون المحصلة عند انتهاء الدراسة؟؟ لقد أصبحنا حديث الآخرين بسبب بعض الفتاوى والآراء التي يقدمها أشخاص لا يحملون صفة رسمية أو قانونية، ولا يمتلكون من العلم ما يؤهلهم لذلك، والآن بدأنا مرحلة خراب البيوت وتشتيت الأسر بسبب جهلة يستغلون جهلة في وسائل الإعلام، فهل تستمر الجهات المسؤولة في صمتها والحال قد وصل إلى هذا الحد.