(جَرى العُرف أنَّني أشاكس «كِتابيًّا» بالمرأة بين الفينة والأخرى، مِن خلال تَشبيهها أحياناً ب«النَّملة أو الدَّجاجة أو البَقرة»، لأنَّها أوسع أُفقاً وأكثر تَحمُّلاً مِن الرِّجَال، الذين لا تَختلف عقولهم عن الأزقّة الضّيقة في جُدَّة القَديمة..!) (وتُدهشني المرأة -دائماً- بجَلَدها عَلى المُناقشة والجَدل، والاختلاف الحضاري، ولا عَجب في ذلك، لأنَّ المرأة تَتحمَّل آلام الحمل والولادة، والدَّورة الشَّهريّة، إضافةً إلى غبن المُجتمع الذّكوري، الذي يَعتبرها شيئاً ثانويًّا، وليتنا نبدأ بالتَّدرُّب على التَّحمُّل). ما سبق من كلام الكاتب أحمد العرفج الذي كتب مقالين سابقين عن المرأة واصفا إياها بهذه الصفات التي تخرج من السياق العام للذوق الإنساني والتحلي بالقليل من أدب الحديث، فلا يمكن تشبيه الأم أو الزوجة أو الأخت أو البنت بالنملة للدلالة على قوة تحملها، ولوكان ما ذكره على سبيل المزحة والمداعبة، كما قال، فهي مزحة ثقيلة دم وتنطوي على عدم كياسة ولباقة في الفكرة تجاه المرأة، وذلك لا يمكن أن يحتمل المزحة لأن الشرط الموضوعي الأساسي للمزحة هو وجود المفارقة التي تنتفي فيما ذهب اليه الكاتب. إن المشكلة التي باتت تواجه كتابنا هي الرغبة في الشهرة حتى لو على حساب الاصطدام بالثوابت، كما فعل بعضهم ولقوا جزاءهم الرادع، وقد أصبحت الشهرة أمرا يصعب الحصول عليه، ولذلك فالكيفية الجديدة هي استخدام مثل هذا الأسلوب العرفجي من أجل جلب الأضواء عندما يضيق القاموس اللغوي للكاتب فأفضل له ولقرائه ألا يتصدّى للكتابة بمثل هذا الإسفاف والنزول إلى هذا الدرك الخطير والمنزلق الوعر وعدم الارتقاء بالذوق العام للمجتمع، ففي حوار أجريته قبل سنوات مع الكاتب الراحل السيد عبدالله الجفري سألته فيه عن دور المثقف في إنقاذ مجتمعه من رذيلة التخلف، فأجابني بأنه لا يستطيع لأن المتخلفين لا يقرؤون الكتب، والمشكلة هنا أنني سوف أعيد السؤال بصيغة أخرى وهي كيف ننقذ القارئ من تخلف الكاتب وسوقية تشبيهاته؟ أستغرب بشدة كيف يترك كاتب الغوص في الهم الاجتماعي والنظر بجدية لقضايا المرأة ولا يهم هذا أو ذاك سوى قدرتها على تحمل آلام الولادة والدورة الشهرية، وهي أمور فيسيولوجية ربانية جبلت المرأة على تحملها، ولذلك فالحديث عنها تحصيل حاصل لأنه مما هو معلوم. أما عن الغبن الذكوري الذي تكلم عنه الكاتب، فالنظرة السائدة عن المجتمع السعودي بأن هناك نظرة استعلاء ذكورية واستقزام للمرأة، وذلك مما لا يمكن تعميمه لأن هنالك نساء سعوديات نجحن بفضل دعم أزواجهن وابائهن وغيرهم من الذكور الذين يحيطون بهن، فالمجتمع السعودي كغيره من المجتمعات الإنسانية تتلاقى فيه كافة الشرائح، وكما يقولون (فيه الزين، وفيه الشين) وفي كل المجتمعات هناك من يكبح جماح المرأة، وهناك من يطلق قيدها، وفي المقابل أيضا هناك سيدات يعملن على عرقلة مسيرات رجال، وأخريات يقفن خلف صناعة عظماء، فلغة الجندر التي استخدمها غير صحيحة في سياق التعميم. وخلاصة القول: إن المشكلة التي باتت تواجه كتابنا هي الرغبة في الشهرة حتى لو على حساب الاصطدام بالثوابت، كما فعل بعضهم ولقوا جزاءهم الرادع، وقد أصبحت الشهرة أمرا يصعب الحصول عليه، ولذلك فالكيفية الجديدة هي استخدام مثل هذا الأسلوب العرفجي من أجل جلب الأضواء وإحداث جلبة وضوضاء و أخد ورد (واللي ما سمع الاسم من قبل يسمعه) وأنا لا ألقي اللوم عليه كليا ولكن على من يجيز مقالته التي لا يستفاد منها شيئا، فماذا نستفيد من تشبيه المرأة بالدجاجة والبقرة؟ السؤال لمن أجاز المقال وليس من كتبه.