• تحول الدكتور عبدالله الغذامي في محاضرته الأخيرة التي أقيمت في مستهل أنشطة نادي جدة الأدبي إلى واعظ ديني / اجتماعي يفلسف الأمور رغم بساطتها، ويحاول بشكل أو بآخر أن يبرر ظاهرة المحتسبين وانفلاتهم في محافلنا الثقافية وخرقهم للأنظمة السائدة .. متحدثا عن مفهوم الحرية بشكل متحفظ. • ولعل نادي جدة الأدبي قد عمد إلى اللعب على وتر الرمز أكثر من أي شيء آخر، حيث إن الذهنية الثقافية لدينا تجنح إلى التشبث برموزها حتى وإن اختلفت مع أطروحاتها، على الرغم أن الدكتور الغذامي قد تصالح كثيرا مع نفسه أولا ومع خصومه ثانيا بعد أن انقلب على المشروع التنويري والحداثي وخذل رفاق الدرب! • إن تعدد الثقافات التي تنسف مفهوم الخصوصية الهش في مجتمعنا ليس بفتح جديد، ولا اكتشاف بكر .. فهو نتاج انفتاح المجتمع المنغلق على ثقافات العالم عبر أقنية التواصل المختلفة .. بعد أن أصبح العالم على (كف شاشة) على حد تعبير الدكتور الغذامي. • لقد عمد الكثير من مثقفينا إلى التحول من (نسق) النقد الأدبي إلى (نسق) النقد الثقافي .. في محاولة منهم إلى التقاطع بشكل أكثر عمقا مع الهم الاجتماعي والتماس مع اليومي والمعاش، إما عن طريق محاضرات أو ندوات أو كتابة مقالات يومية تعنى بالشأن الاجتماعي، ولكنهم ظلوا يتحدثون بلغة نخبوية، ومفردة عالية .. لا تخلو من فلسفة الأديب ووصاية الزاهد. • الدكتور عبدالله الغذامي قامة ثقافية جديرة بالاحترام والاختلاف رغم هوسه باختراع المصطلحات الجديدة والمثيرة تحت تأثير ثقافة (ما بعد العولمة)، ولكن إلى متى نظل صدى لثقافة الآخر نستجر كتبهم المترجمة.. وقد كنا ذات زمن نردّد: أنا الطائر المحكي والآخر الصدى .. ويكفي.