استضاف المذيع عبدالله المديفر في برنامجه لقاء الجمعة والذي يعرض على قناة الرسالة الزميل الدكتور مصطفى الحسن، وكان الصخب الذي رافق ملتقى النهضة هو محور ذلك اللقاء، وليس حديثي في هذا المقال عن الملتقى وما رافقه من جدل وإنما شدني في الحوار سؤال طرحه المذيع عبدالله على الدكتور الحسن بصفته مشرفاً على الملتقى يتضمن اتهاماً وهو بأن ملتقى النهضة والذي يستضيف مفكرين مختلفين يقوم بتجميع صغار السن من عمر الواحد وعشرين سنة والعشرين سنة مما يسهل التغرير بهم!!. أعلم بأن هذا السؤال الذي طرحه المذيع عبدالله هو مجرد نقل لشبهة تطرح دوماً للهجوم على أي عمل شبابي قد لا يعجب البعض، يهدف بالأخير للوصاية على الشباب وإقصائهم وتهميشهم وتسطيحهم. استغرابي بأن هذه الشبهة تتكرر وتردد دائماً ليصبح العكس هو مكمن الاستغراب، الشاب الذي أنهى اثنتي عشرة سنة من الدراسة النظامية لا يزال يعاني تشكيك البعض بقدراته العقلية وبمقدرته على تمييز الغث من السمين، علماً بأنه ليس هو من وضع هذه المناهج الدراسية، هذا الشاب الذي يكافح سواء في دراسته الجامعية في الوطن أو في بلاد الغربة أو دخل إلى سوق العمل ويعاني استحقار رجال أعمال له وعدم تقديرهم له وتضييق العمالة الوافدة عليه لا يزال يعيش دور المتهم المدان حتى تثبت براءته ومهما فعل لن يبرأ من التهم الموجهة إليه. فتارة يتهم بأنه كسول وآخر يتهمه بأنه طفل صغير وثالث بأنه عزابي عربيد ورابع وخامس حتى يجد الشاب نفسه محاربا من جميع الجهات ولو خارت قواه واستسلم لليأس فأوشك على الانتحار لقيل له بأنه يعاني أمراضا نفسية !! دون أن يكلف هؤلاء أنفسهم بالبحث في من شكل كل تلك الأمراض النفسية التي هبطت على شاب في ربيع عمره ومقتبل حياته. في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم نجده قد أولى الشباب أهمية خاصة وأسند إليهم مهام كبيرة لدرجة أن ولَّى الرسول عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم أسامة بن زيد على جيش العسرة وهو له من العمر ثماني عشرة سنة وفي الجيش من فيه من كبار الصحابة، وقد كان الرسول يشاور الشباب ويسمع لرأيهم ويحاورهم دون أن تكون حداثة سنهم سبباً لتجاهلهم أو الصد عنهم والحديث عن ذلك يطول. ولكن إن كنا سنظل نتعامل مع الشباب على أنهم صغار السن أطفالاً وليسوا أهلاً للمسؤولية سواء كانت مسؤولية عملية أو فكرية فمن حق الشباب إذاً أن يتساءلوا من هو المسئول عنهم مسؤولية كاملة ومن يملك حق الوصاية عليهم، وكما أن لكل طفل ولي أمر يقوم برعايته رعاية كاملة فيحق للشباب أن يتساءلوا عن ولي أمرهم الذي يقوم برعايتهم رعاية كاملة فيوفر لهم السكن والمصروف اليومي ويتكفل باتخاذ القرارات عنهم وما إلى ذلك من أمور الرعاية دون أن يكلفوا بأي أمر ودون أن تقع على عاتقهم أي مسؤولية. وعلينا أيضاً أن نحدد سناً معيناً للشباب من يصل إليه تسقط عنه صفة الجهالة وصفة الصغر ويحق له أن يتحمل كافة مسؤولياته سواء كان ذلك في سن الخامسة والعشرين أو الثلاثين أو حتى الأربعين، المهم أن نجعل الشباب على بينة من أمرهم.