لا شك أن ثمة خطوات جادة اتخذت لتسريع عمليات التقاضي في الآونة الأخيرة، لكن في المقابل تظل بعض القضايا معلقة بحبل التأخير دون مبرر واضح، مما يعني إعطاء الفرصة تلو الفرصة للطرف الأقوى إما لمعرفة أو واسطة أو مخالفة للنظام. وهذه قصة أم عبد العزيز: إنها سيدة مواطنة تطارد قضية (طلاق ورد اعتبار) في محاكم الرياض منذ 6 سنوات (الحياة 10 مارس)، دون جدوى، قضية قد تبدو شائكة، وما هي بشائكه إنما تأخير البت فيها يضيف عليها طابعاً من التعقيد والتشابك. ومؤخراً صرح مسؤول في وزارة العدل بان محاكم الأحوال الشخصية في طريقها إلى (التكوين) لتستقل بقضايا الأسرة، وهي كثيرة تأتي في رأسها قضايا الخلع والطلاق، ثم نفقة الأطفال ورعايتهم وحضانتهم، وما إلى ذلك من قضايا صغيرة وكبيرة، وهامشية ومهمة. وقيام المحاكم الأسرية خطوة رائدة مهمة، لكنها ستظل عاجزة عن الوفاء بالمطلوب منها على أتم وجه ما لم يرافق ذلك تطوير للأنظمة وتقنين للأحكام وتشديد على معايير الأداء حتى يُميز بين القاضي المنجز وغير المنجز. وتظل مسألة تقنين الأحكام في حكم (المجمدة) بعد كل هذه السنوات الطويلة من المطالبة بها والانحياز إليها بصفتها تحمل من بذور العدل وجذور الحق ما لا يسوغ لغيرها من الاجتهادات، والتي تتراوح بين حكم وآخر حتى في ذات القضية، وربما حتى لدى القاضي نفسه. وأول العدل وسيده تسريع صدور الأحكام خاصة في القضايا التي يشعر فيها الطرف الأضعف أنه مقهور ومغبون، وأن الزمن ليس في صالحه إطلاقاً. خذوا مثلاً قضية حضانة ترفعها أم مكلومة ضد زوج يحرمها من صغيرتها أو صغيرها دون وجه حق، ثم تمتد القضية مفتوحة عدة سنوات مليئة بالحرمان والبكاء والقهر حتى إذا صدر الحكم لصالحها، فهو إما لا يُنفّذ على الوجه الذي ينبغي، وإن نُفّذ رفع الأب قضية مضادة لأن فترة الحضانة المحدودة بسنوات معدودة قد انتهت ليؤول أمر الطفل إليه مرة أخرى تلقائياً. متى تختفي تماماً فصول قضية أم عبد العزيز من محاكمنا!! أعني فصول التأخير والتسويف!!