معرض الرياض الدولي للكتاب الذي انطلقت فعالياته يوم الثلاثاء الماضي ويستمر حتى 16 مارس يُعدُّ ترمومترًا حقيقيًا لما يمرُّ به المجتمع السعودي من تغييرات فكرية واجتماعية وسياسية وحقوقية عميقة تعكس في مجملها العام تأثر المجتمع بما يدور حوله من متغيرات من جانب ورغبة هذا المجتمع في أن يكون جزءًا مؤثرًا ومتفاعلًا مع هذا التحوّل الكبير الذي تشهده المنطقة العربية وبخاصة في جانب حرية التعبير عن الرأي وعدم سيطرة فئة معينة على المشهد الثقافي او الفكري من دون أخرى. معرض الرياض للكتاب يصنف على أنه مرآة عاكسة لما يدور في المجتمع من تجاذب فكري بين التقليديين والتقدميين بحيث تكون ساحة المعرض ومعروضاته من الكتب ونشاطاته المصاحبة هي ساحة الصراع الميداني الخفي بين الطرفين. وبما أن فترة معرض الكتاب وجيزة لا تتعدى عشرة أيام وتستقطب اهتمامًا إعلاميًا رسميًا والكترونيًا كبيرًا وبخاصة من قبل المغرّدين على «التوتير» تجد شهية الجميع مفتوحة على الآخر؛ لتسجيل المواقف الرافضة أو المؤيدة لفعاليات هذا النشاط الثقافي. من الملاحظ أنه كما ازداد صراخ التقليديين بالرفض وبث فيديوهات المقاطعة والاحتساب، ازداد عدد حضور العائلات كمًّا ونوعًا مما يعدُّ ردًا صريحًا منهم مفاده عقولنا وقناعاتنا وتصرُّفاتنا الطبيعية ليست للايجار او الوصاية العميانية. من حسن الحظ ان مساحة قوى الرفض بدأت سنة بعد سنة في الانكماش والتناقص الملحوظ لا بسبب جهود الإصلاحيين أو التقدميّين وانما بسبب أن خطاب التقليديين بدأ يفقد مصداقيته ومنطقيته لدى السواد الأعظم من الشريحة المعتدلة في المجتمع والتي تمثل الشريحة الكبرى منه.. فهي كما تزور معارض الكتب في المنامة والقاهرة وبيروت ودبي سويًّا ومنفردة، ترى في معرض الكتاب تظاهرة ثقافية محلية عائلية رصينة من السخف مقاطعتها على سبيل المثال بسبب عدم تحديد أيام للعائلات وأخرى للشباب أو بسبب الادعاء بأن بعض دور العرض تقوم ببيع بعض الكتب التي تناقش الفلسفة أو الالحاد أو الجنس أو الطائفية أو غيرها من المواضيع التي لا تتوافق مع هذا الخط الفكري الماضوي التقليدي. لذا من الملاحظ انه كما ازداد صراخ التقليديين بالرفض وبث فيديوهات المقاطعة والاحتساب، ازداد عدد حضور العائلات كمًّا ونوعًا مما يعدُّ ردًا صريحًا منهم مفاده عقولنا وقناعاتنا وتصرّفاتنا الطبيعية ليست للايجار او الوصاية العميانية، وأكبر مثال يؤكد تلك الحقيقة هو ارتفاع معدل زوار فعاليات الجنادرية الأخيرة بالرغم من المضايقات غير المسؤولة من قبل بعض المحتسبين!