بدأت مشكلتها بالشكوى من زوجها السعودي الذي تزوج عليها وأهملها بعد أن ملّ الغربة الروحية والاجتماعية معها، فهو كما أورد في مسببات زواجه الثاني، أنه حن للكبسة والأكل السعودي وحن لامرأة تتشاجر معه باللهجة السعودية، وتسلخه بذات (الألفاظ والشتائم) السعودية المحببة إلى قلبه، فهي وبالرغم من مرور 17 سنة على زواجهما إلا أن زوجته لم تتقن اللهجة السعودية باقتدار كما لم تتقن الكبسة والشتائم السعودية، فضلا عن أن زوجته واصلت إحراجه 17سنة بتقديم المانجو والأناناس لضيوفه عوضا عن الفاكهة المتنوعة والقهوة السعودية والتمر. بل إن زوجته ومن حيث لا تشعر تسبب الحرج لابنيه لأنها أورثتهما الملامح الآسيوية التي جعلت منهما أضحوكتين في مجتمعهما السعودي، خاصة وأنهما يتحدثان اللهجة السعودية بطلاقة. وبالرغم من تفاهة هذه الأسباب - إذا أدركنا أنه كان على علم بها كنتيجة حتمية لزواجه من امرأة أجنبية، حيث أقدم على هذا الزواج وهو عارف بكل هذه الأمور - إلا أنه لم يسألها: هل هي تحن مثله إلى رجل من جنسيتها يراقصها على موسيقاهم التراثية ويشربان ذات الشراب المحبب لكليهما؟ ألا تحن لرجل لا يشتمها بل يدللها بلهجتها المحببة إلى قلبها؟ ألا تحن لأطباقهم التراثية بدلا من "هالوكسة" أقصد (الكبسة)؟ رأيتها في مقر عملها، تذرع المكان جيئة وذهابا، كائن هجين بامتياز، ملامح آسيوية عميقة لم تفلح السنوات الممتدة والطبيعة العنيدة في إخفائها والتخفيف منها، ولهجة سعودية وخصوصية في اللباس وتصفيف الشعر على أطراف الهوية، جاء بها الحب من بلادها في أقاصي آسيا، يحملها حلم جميل بالسعادة وبناء عش زوجي صغير، بعد أن استلّها من جذورها رجل سعودي أوهمها أنه سيزرعها في محمية ملائكية وتربة أغنى وأجمل لكنه أخلف وعوده وتبرأ منها، لكنها خرجت عن صمتها لبعض الوقت لتخبرني، أن زوجها يجب أن يعرف أنها ملّته كما ملّها، لكنها لن تطلب الطلاق فهي امرأة عملية جدا مثل والدتها (كما تقول) وتغلّب العقل على العاطفة، أتعرفون لماذا لا تريد الطلاق؟ لأنها بعد طلاقها سوف تخسر سعوديتها ووظيفتها، سوف تجد نفسها في الشارع وقد تعود إلى بلادها التي لن تقبل بها الآن بعد أن ماتت جذورها ويبست أغصانها، ستبقى لتراقبه بعد أن أصبحت سعودية باقتدار نهارا. وتدعو عليه وتسكب الدموع ليلا.