لم يجد مندوب النظام الأسدي في مجلس الأمن بشار الجعفري، ما يدين به السعودية أمام العالم، لأنها هبت لرفض المجازر التي ترتكب بحق الشعب السوري، إلا معايرتها بأنها لا تسمح للمرأة بدخول الملاعب. الجعفري وفي اليوم نفسه الذي ارتكبت فيه سلطات بلاده مذبحة، كما هي الأيام التي سبقتها وتليها، تبجح بالقول إنه كيف يمكن لدولة لا تسمح للمرأة بدخول الملاعب مطالبة بلاده بالديمقراطية؟ ولا يخفى على أحد أنه يقصد السعودية في كلامه هذا. والحمد لله أن الجعفري لم يجد إلا جزئية صغيرة ليعيب بها السعودية، وإلا فبلادنا، كما غيرها، فيها من السلبيات والقصور الشيء الكثير، ولدينا من الأخطاء ما نعترف به قبل غيرنا، ولا نخشى من سلطات بلادنا التعذيب والقتل والتنكيل، فقط لأننا تجرأنا وانتقدناها، كما هي الديمقراطية السورية المزعومة، وقبل هذا وذاك، من قال أصلا إن السعودية طالبت سورية بالديمقراطية كما زعم الجعفري؟ وهل الدعوة لصيانة دم السوريين وإيقاف المجازر التي ترتكب بشكل يومي ومنظم تسمى مطالبة بالديمقراطية أم أنها هكذا تفهم لدى النظام الأسدي؟ السعودية نظامها ملكي، ولم تزعم يوما أنها دولة ديمقراطية، بينما النظام الأسدي جمهوري ويدعي أنه يحكم عبر بوابة الانتخابات، غني عن القول أن حقوق الإنسان وكرامته مصانة في بلادنا أفضل ألف مرة من مثيلتها لدى النظام الأسدي، ومع ذلك، لم يقل أحد إن السعودية وصلت مبتغاها من الإصلاحات، ويعلم الجميع جيدا أن الطريق أمامهم لا يزال طويلا. المندوب السوري يهذي بأباطيل يريد تحويلها زورا على أنها حقائق، فتجده يهرف بما لا يعرف، فبعد أكذوبته الشهيرة حول دعم بلاده ماليا لدول الخليج، قبل أن ينعم الله عليهم بالنفط، وهي الأكذوبة التي تصدى لها حينها، وبمنطق، رئيس وزراء قطر الشيخ حمد بن جاسم، ها هو الآن يأتي ليكذب كذبة أخرى وكبرى، عندما سعى لإيهام العالم بأن الموقف السعودي متناقض، بمطالبته الدول الأخرى بتطبيق الديمقراطية في حين أنه هو ذاته لا يطبقها، أما الحقيقة التي يعرفها القاصي والداني، أن السعودية كانت واضحة منذ البيان الشهير لخادم الحرمين الشريفين، وصولا لبيانات مجلس الوزراء السعودي، مرورًا بتصريحات الأمير سعود الفيصل، بأن الرياض ضد استمرار العنف في سورية، وتطالب بالوقف الفوري لإراقة دماء الشعب الشقيق، وأنها لن تقف موقف شاهد زور على الجرائم التي ترتكب ضد الشعب الأعزل. ودلوني هنا أين المطالبة التي زعمها الجعفري أم أن المثل الأعلى لدى نظام بشار الأسد هو نظام الملالي الإيراني الذي يدعم النظام على حساب قتل الآلاف من الأبرياء؟ التزوير والكذب وقلب الحقائق أصبحت هواية للنظام الأسدي، لا خجل ولا وجل من ذلك، ومضحك تسطيح فكرة الديمقراطية في دخول النساء للملاعب من عدمه، ووفقًا لهذا المنطق الساذج هل دخول النساء للملاعب في الشقيقتين الإمارات وقطر، مثلا، دليل على دخولهما أندية الدول الديمقراطية؟ ربما يكون ذلك منطقيا لدى عقلية واحدة في العالم، عقلية اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس.