في الكويت بدأت الديموقراطية مبكراً، وكانت تقاليدها مبشرة بأن تكون النظام الأول عربياً، وسط طوفان الانقلابات والتحالفات مع الشرق والغرب، وظلت بعيدة عن الخصومات، وإن وجدت بعض التيارات القومية، والماركسية، لكن الظروف المادية، وميراث ما زرعته بريطانيا من تقاليد، وكذلك التجانس الاجتماعي، ساعدت أن تستقر رغم الدعوات التي اعتمدتها حكومات العراق بضم الفرع للأصل.. هذا الزمن الطويل، وعوامل تنامي التعليم، وارتفاع مستوى الوعي والثقافة، كانت مبررات أن تترسخ الديموقراطية، بما يكون نموذجاً في الخليج والوطن العربي، غير أن الوضع العربي، سواء ما قبل الربيع، وما بعده، بدأت تظهر معالم الطائفية وبروزها، وبمساندة مفكرين ودعاة، وقطعاً لم تكن الكويت بمعزل عن محيطها الاقليمي والعربي، فطرأت على هذا المجتمع المتمسك نماذج مستنسخة في بروز الطائفية السنية والشيعية، وتلتها القبلية التي أطلت لتكون للبحث عن مراكز في الدولة ومجالس الأمة، وباعتبار معظم البلدان العربية قبلية وعشائرية، وأقدم من الطوائف بنشأتها ووجودها، فقد عادت إلى الماضي لتشكل نمطاً سياسياً ينبني على قيم وتقاليد القبيلة، لكن من خلال جيل متعلم، ولكنه لم يتغير أو يتخلى عن الأصول التاريخية، وهي قضية معقدة ما لم تحكم بأطر واعية وتجعل الوحدة الوطنية الهدف الذي لا يقبل النقض، أو تجاوزه للقبيلة أو الطائفة.. في انتخابات مجلس الأمة استطاع الإسلاميون الانتصار بشكل يؤهلهم لدور جديد، والغريب أنهم في تاريخهم لم يتعرضوا، مثل غيرهم لملاحقات أو سجون، وهذا يعني أن الكويت تسير بنفس الاتجاه الذي جرت عليه الانتخابات بدول الربيع، لكنها بدون ثورة، مما يؤكد أن الرغبات الشعبية هي من فقد ثقته بالتيارات الأخرى، والتجارب القادمة، إذا ما جاءت الديموقراطيات متوفرة الشروط، فإن متغيراً جديداً ولد، مما سيخلق مرحلة، إذا ما أدار فيها الإسلاميون حكماً ناجحاً، سيكون هذا تطوراً مختلفاً عن أي ما جرى خلال نصف قرن، وظاهرة الكويت درس جديد، لأن الفوز جاء بلا ضغوط في بلد يسير باتجاه ديموقراطي منذ سنوات طويلة.