زعبرة مُفردة شمالية التناول يعيها صالح الشيحي جيدًا وتعني لمن لا يعرفها وصفا للسلوك المتهور، المؤدي إلى الإثارة وخلق مشاكل لا معنى لها، وأعتقد أن الشيحي غني عن التعريف خاصة بعد الخزي والعار الذي تطاول فيه على المشهد الثقافي السعودي في تغريدته العرجاء التي مارس فيها الإرهاب الأخلاقي، وجرَّد كل المثقفين فيها من قيمهم النبيلة، واختزل سلوكياتهم الإيجابية، وحضورهم الفاعل في انطباع ذاتي ومشاهدة – حتما – لا تعكس الجو العام للمثقفين ، بقدر ما تُعطينا مؤشرا على أن ثمة أمرا ما دفع بالشيحي للوقوع في هذا المكان غير المناسب. التبدُّل في المواقف، وتغيُّر القناعات موضة لها مُسبباتها ودوافعها، وليست وليدة اللحظة، بل امتطاها الكثير في السابق، واليوم هاهو الدكتور الغذامي والشيحي يسيران على نفس النهج، ولكن في طريق مُضاد؛ فالتحول الدراماتيكي في المنهجية ليس مهمًا في ذاته؛ لأن لكل مُتحوِل وجهة نظره وواجبٌ علينا احترامها حتى مع اختلافنا معها، ولكن المؤلم في الأمر هو الانقلاب العنيف على المبادئ والقيم التي كانوا يؤمنون بها، ويتبنونها بل وينافحون عنها إبان خوضهم غمار ماضيهم التليد الذي تنكروا له، لا لشيء يُعوَّل عليه حتى هذه اللحظة التي لم يُفصح فيها الشيحي عن الممارسات المُخلة بالشرف – على حد تعبيره – فقط لأنه شاهد تجاوزات من مثقفة في ساعة متأخرة من الليل، وليته بدلًا من التعميم والتشهير بالمُلتقى قام بدور الناصح الغيور للمثقفة مباشرة بعد تلبُّسه – مؤخرًا – عباءة الوعظ والإرشاد، ولكن فاقد الشيء لا يُعطيه، فلا هو أحسن استغلال الموقف بالمناصحة، ولا هو تبنى خيار الصمت الذي لو اتخذه لفاز بأضعف الإيمان، خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار أن المشاهدات مازالت في سياق الكتمان لديه، فلو دعَّم تغريدته بالأدلة والبراهين التي لا تقبل التشكيك ومن الكثرة وليس القلة؛ لاحترمناه وقدرنا وجهة نظره، وقلنا لمنظمي الملتقى: اتقوا الله في استباحة محارمه، وقلنا له: جُزيت خيرًا وجعل ما قدمته في ميزان حسناتك، ولكن مثل هذا لم يحدث!! وما حدث لا يتجاوزما عبر عنه الروائي عبده خال عندما قال: إن الشيحي قدَّم لنا قطعة تعبيرية جيدة يتحدث فيها عن الثقافة.. عن مفهوم الثقافة.. عن انعكاساتها على السلوك. استمعت لتعليق الشيحي الذي وضَّح فيه وجهة نظره حول ما قاله في تغريدته، ولم أجد إلا بعض المُفردات التي لا تتجاوز أن تكون ردة فعل سلبية وسطحية في نفس الوقت مثل: أتحدى.. كررها كثيرًا في ثنايا حديثه، وكأننا سنخوض معركة أو نتراهن على نتيجة مباراة رياضية، أو بعض العبارات المكررة من قبل فاقدي الحُجة مثل: هل يرضى بأن يأتي واحدٌ من المثقفين بأخته أو زوجته للملتقيات القادمة؟ وهذه العبارة تعكس تفكيرا محدودا، لأن من حضر الملتقى من النساء وبشهادة بعض الحاضرين كن برفقة آبائهن أو إخوانهن أو أزواجهن، ولكن يبدو أن صاحبنا خُيِّل له خلاف ذلك، الأمر الذي جعله يُسقط سلوكا خاصا على واقع عام. هذا التبرير غير الموضوعي والذي أُشبِّهُه بالهروب من المأزق الذي وضع نفسه فيه يُثبت لنا محدودية الثقافة التي تكتنزها مرجعيته، وبناءً على هُلاميتها جاءت هذه التغريدة، ولكنها خارج سرب الموضوعية التي يجب أن تكون حاضرة في ذهنية المُثقف الحقيقي، مما يعني أن الإصلاح في حد ذاته لم يكن هدفًا يسعى إلى تحقيقه، بقدر ما كان الارتماء في أحضان التيار المنافس – لحاجة في نفس يعقوب – هو ما وراء الأكمة . إن التعاطي السلبي الذي أقدم عليه الشيحي يحمل قذفا صريحًا يستوجب إما إثباته بالدليل القاطع الذي لا زال يراوغ في إيراده؛ لأسباب غير معروفة، أو تقديم الاعتذار من قبله لكل المعنيين بالتغريدة، واعتبارها زلة لسان أو كبوة جواد، أو أن يقوم المجتمعون من الرجال والنساء برفع دعوى قذف ضده؛ لكي لا يستمرئ غيره استحلال أعراض الناس بالباطل، بمجرد أن يتوهم الشخص أن لقاءً عابرًا بين رجل وامرأة في بهو فندق وأمام أعين الناس رجس من عمل الشيطان .