** الكل يشكو من تعطل مشاريع البنى التحتية، والكل يشكو من الخلل في تطبيق الأوامر الملكية، والكل مازال يرى أن مخرجات التعليم والجامعات هابطة، والكل يرى الصحة بوضع لا يسر، والكل يرى ألا حل لأزمة الإسكان، ولا حل لمشكلة التوظيف، ولا حل لأزمات السوق المتكرر، ولا حل للتضخم، ولا حل لحماية المستهلك، ولا حل للصناعيات. ** الكل يرى أن الإنجاز المحقق لا يرتقي الى نسبة الواحد بالمائة من التصريحات التي يطلقها الوزراء والمسئولون في كل عام، إلا الوزراء والمسئولين أنفسهم، والكل يرى ان مطاراتنا وموانئنا وطرقنا هي الأقل كفاءة والأكثر تعقيدا وتخلفا من الدول المجاورة. الكل يرى أننا نخرج من أزمة لندخل في أخرى. ** الكل يرى أننا بلد أزمات متكررة ومشاريع متعثرة وأداء هابط في الداخل طال من هو في الخارج أعني الملاحق التعليمية والصحية، الكل يرى الواسطة والرشوة هي من يسيرنا، والكل يرى أن الخمول والأنظمة الإدارية المعقدة هي من تأخرنا، وتزج بنا في آخر السلم الاجتماعي والاقتصادي. ** في الطفرة الأولى، بنينا شوارع ضخمة وجامعات ضخمة ومطارات ضخمة نفاخر بها أمام دول العالم ودول المنطقة، وفي الطفرة نفسها ابتعثنا الآلاف من الطلبة للدراسة، واستقدمنا مئات الشركات العالمية للعمل في مشاريعنا، وأقمنا العديد من المستشفيات، وبنينا مئات من الوحدات السكنية في مناطق عديدة من المملكة، عملنا كل ذلك بصمت وبانجاز. أما الآن فنحن نعمل ضعف ما عملنا من مشاريع، إلا أن الفرق في تضاؤل حجم الإنجاز وكثرة الضجيج وتعطل المشاريع. الكل يرى أن الانجاز المحقق لا يرتقي الى نسبة الواحد بالمائة من التصريحات التي يطلقها الوزراء والمسئولون في كل عام، إلا الوزراء والمسئولين أنفسهم، والكل يرى ان مطاراتنا وموانئنا وطرقنا هي الأقل كفاءة والأكثر تعقيدا وتخلفا من الدول المجاورة، الكل يرى أننا نخرج من أزمة لندخل في أخرى ** الدولة تنفق بسخاء كبير جدا وها هي ساعات تفصلنا عن الميزانية الجديدة، العام الماضي كانت الأضخم 540 مليار ريال، وهذا العام ستكون مقاربة للرقم الماضي، ومع ذلك سينتهي العام المقبل، ونحن وسط هذه الأزمات، ووسط المعارك اليومية التي لا تنتهي، ولا تنقضي، أزمة في الإدارة أم أزمة في الإخلاص أم أزمة في الضمير. ** لا أحد يعرف أو لا يريد أن يعرف أن مقابل هذا السخاء، وتلك المليارات نعيش في أسوأ حالتنا المرضية وأزماتنا المتلاحقة وتنظيرات السادة المسئولين وتشعب القرار وجهات الاختصاص في الوزارة والوحدة والمشاريع الواحدة والمعاملة الواحدة، بحيث قبلنا على أنفسنا هذا الوضع وارتضيناه. ** تعبنا .. ومللنا من التصريحات الكبيرة والوعود المتكررة الدائمة والضحك على أنفسنا، فيما دول الجوار تقفز وتقفز من إنجاز إلى آخر، ومن مشروع الى آخر، ومن فكرة إلى أخرى.