عبدالرحمن عبدالعزيز آل الشيخ - الرياض السعودية أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً لديني ثم لمليكي وبلادي .. وأن لا أبوح بسر من أسرار الدولة .. وأن أحافظ على مصالحها وأنظمتها .. وأن أؤدي أعمالي بالصدق والأمانة والإخلاص .. هذا هو نص القسم العظيم الذي يؤديه الوزراء أمام الملك عند تعيينهم في أي من مناصب الدولة في جميع الاختصاصات في كل المهام المدنية والعسكرية .. هذه الكلمات الكبيرة التي تحمل الكثير من المعاني يبدأ بها الوزير مسؤوليته أمام الله ثم أمام الملك والمجتمع مباشرة .. وشاهدنا وسمعنا يوم الجمعة الماضي تأدية هذا القسم من قبل الوزراء الذين صدر الأمر الملكي الكريم بتعيينهم خلال الأسبوع الماضي في مهام وزارية مختلفة !! إن فكرة تأدية القسم نهج عظيم يحمل في مضمونه أبعاداً سامية تهدف قبل كل شيء إلى ضمان حسن إدارة مصالح الدولة والشعب وحماية هذه المصالح وعدم إساءة هذه المسؤولية في مثل هذه المهام الحكومية .. كما أن هذا القسم يهدف إلى حماية المسؤول نفسه من إغراءات المنصب وأطماع المسؤولية وملذات السلطة.. لذلك جاء هذا القسم كالتزام علني وميثاق وعهد والتزام من مسؤول أمام الله سبحانه وتعالى ثم أمام ولي الأمر حفظه الله وأمام المجتمع .. قسم والتزام شمل جوانب دينية ومهنية وسلوكية وعملية .. لذلك أصبح هذا القسم أساساً ومطلباً إلزامياً على كل وزير يتم تعيينه من ولي الأمر حفظه الله قبل أن يبدأ مباشرة عمله !! مضمون هذا القسم العظيم يلاحظ أنه يضم كلمات عظيمة جداً وهي (الإخلاص - الصدق - الأمانة) هذه الكلمات هي أسمى صفات المرء في هذه الحياة، وعندما ينجح الإنسان في اكتساب هذه الصفات والتحلي بها في سلوكه وفي عمله وفي تعامله وفي مهنته وفي وظيفته وفي كل جوارحه فإنه إن شاء الله سيحقق رضا الله عليه دنيا وآخرة ثم رضا الناس .. فاجتماع هذه الصفات الثلاث في شخص المسؤول لم يعد أملاً اجتماعياً بل أصبح مطلباً يترقبه الكل في هذا الوطن خاصة في هذا العصر الذي أصبح الإنسان فيه محاصراً من كل الجهات بأمواج من الأطماع والمصالح الشخصية الدنيوية .. زمن أصبح فيه المرء يعيش وسط كم لا يحصى من أنواع المغريات والمؤثرات الكبيرة المالية والإعلامية والاجتماعية والمعنوية .. لذلك أصبح هذا الإنسان في هذا الزمن يواجه في داخله صراعات مستمرة وشرسة مابين تلك المغريات، ومابين خصال " الأمانة والإخلاص والصدق" .. والمرء في هذه الحياة قبل كل شيء هو إنسان سواء أكان وزيراً أم نائب وزير أم وكيلا أم مديرا أم حتى موظف صغير في أي جهة وبالتالي فإنه عرضة لهذه الصراعات !! إن المعركة بين فريق " الأمانة والإخلاص والصدق " وفريق " الأطماع والمغريات والغرور والرشوة والمحسوبية والفساد وعدم العدل" هي معركة شرسة جداً جداً تدور في داخل المرء وإن اختلفت درجاتها وصورها وأبعادها وحدودها .. وتتنوع صور هذه المعركة مابين زمن وآخر، وما بين موقع وآخر وبين مجال وآخر !! لذلك تستمر المعركة بين هذين الفريقين .. ويستمر الصراع وبأقصى وأشد صوره الظاهرة وغير الظاهرة !! لكن يبقى الفيصل في هذه المعركة هو الإنسان نفسه ومدى قوة إيمانه وإرادته وعقله وضميره وأخلاقه ووطنيته عندها يتحدد سير معركة ذلك الصراع بأي اتجاه !! الأمانة - الإخلاص - الصدق خصال وصفات جميلة وسامية وراقية .. والله سبحانه وتعالى هو خير من علّمنا عظمة هذه الكلمات عندما أوردها في كتابه الكريم في مواضع عدة وفي الأحاديث الشريفة وفي سيرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يتأكد لنا أنها صفات ذاتية وسامية وأنها منهج صادق وسليم للمرء في الحياة !! نعم نتمنى الصدق .. والأمانة .. والإخلاص .. ليس من الوزير فقط بل من كل موظف يعمل في هذا الوطن الغالي ويحصل على مرتب شهري في أي وظيفة وفي أي موقع لمصلحة وطننا .. ولمصلحة أجيالنا القادمة !! هنيئاً لكل الوزراء ... وهنيئاً لكل من حظي بثقة ولي الأمر حفظه الله خاصة في مثل هذه المهام العليا .. وولي الأمر والمواطنون والمجتمع ككل ينتظر من الوزراء في هذه المهام الجديدة الكثير من الجهد والكثير من العمل والتطلعات والآمال الكبيرة جداً والكثير من العدل والأمانة والانجاز ... المطلوب والمرجو والمؤمل من الوزراء الجدد في هذه المسؤوليات إحداث تغييرات إيجابية والعمل على كسر الجمود الوظيفي والعملي والإداري الذي ظلت عليه معظم هذه الجهات لسنوات طويلة جداً والعمل على مسايرة التطور الذي يسير عليه المجتمع في هذا الوطن الغالي!!