عندما نتحدث عن الفساد في بعض المنشآت نتخيل أن الحلول صعبة والوصول إليها صعب مع أنها ليست كذلك. إن الكثير من الأمور من السهل علاجها فهي لا تتطلب سوى قرارات جيدة وأناس تعمل وأخرى تتابع، ستقولون هذا موجود، وأقول إن الموجود هو الناس التي تعمل والناس التي تراقب ولكن عمل هذا وذاك لا يحقق شيئا اذا كان القرار خاطئا لأن العمل والمتابعة ستأتي متوافقة مع ذلك القرار، بل خدمة القرارات. إن معظم موظفي الدوائر الحكومية يلتحقون بدورات تدريبية عالية الجودة في معهد الإدارة ولكنهم للأسف عندما تنتهي الدورة ينطبق المثل القائل "عادت حليمة لعادتها القديمة" فهو غير قادر على التغيير، وغير راغب في التجديد فيفضل الركون ويقول لنفسه: ما دامت الأمور "ماشية" فليبق الوضع على ما هو عليه. لو تابعت بعض الإدارات ومنها التعليم ستجد ان الحال على ما هو عليه ذهب مدير وقدم آخر ولكن الأحوال واحدة لا تتغير فالمدير الجديد لا يريد ان يغربل الإدارات ولا يريد ان يستبدل رؤساء الاقسام ولا خطط عملهم طالما ان الامور تسير ولا يهم نوع ذلك السير. إن أم المصائب لدينا هي في مسألة من يستحق الدرجة ومن يستحق القيادة، فالقدرات القيادية لا شأن لها بالدرجة أو المرتبة الوظيفية هل سمعتم عن مدير أجريت له مقابلة شخصية قبل استلام مهامه اتصل بي قبل اسابيع احد رؤساء الأقسام في ادارة التعليم وتحديدا بعد حادث الحريق في مدرسة جدة، يقول: كل حريق سيندلع في مدرسة ما سيكون كارثة يتضرر منها الكثير طالما ان كل التفاصيل المتعلقة بالصيانة والمنشآت والمصاريف يتعامل معها على أنها أمور ثانوية وتعالج بطريقة "الباب اللي يجيك منه الريح سده واستريح" فالمدير يريد ان يخرج من الادارة وقد رضي عنه الجميع من موظفيه ولن يتعرض لفلان فيغيره من مكانه أوعلان ويحاسبه على تقصيره بمعنى استمرار أسلوب "الطبطبة" انه يشتري صلاح العمل وأداء الأمانة ومصلحة الوطن بثمن بخس هو رضا ذلك الموظف.. ولا نعرف لماذا؟ أكل هذا ضعف وتخاذل وخوف من البشر أم انه عدم قدرة على اتخاذ القرار الصحيح واحتمال تبعاته كلها. لقد رأيت على سبيل المثال في إدارة كليات البنات رجالا مخلصين يعملون بجد ولم يأبهوا لدور فلان ومكانة علان طالما ثبتت عدم قدرته على العمل بجدية وحرص، ورأيت مدراء لا بيهشوا ولا بينشوا ورأينا من يسرق الكحل من العين ورأينا من يضع للعين كحلا رخيصا لا يلبث ان يزول.. إن أم المصائب لدينا هي في مسألة من يستحق الدرجة ومن يستحق القيادة، فالقدرات القيادية لا شأن لها بالدرجة أو المرتبة الوظيفية هل سمعتم عن مدير أجريت له مقابلة شخصية قبل استلام مهامه، كل ما في الأمر شهادات شفوية على نسق فلان لحية غانمة، والنعم فيه، وعلى مثلها يتولى رقاب العباد وأمور الإدارة ويخرج من هنا ليلتحق بتلك وهلم جرا.. المسائل لا تكون صعبة الا عندما نريد ان تكون كذلك..