هدى بنت فهد المعجل - الجزيرة السعودية (1) أقرأ للدكتور عبد الرحمن بدوي... وأقرأ عن الدكتور عبد الرحمن بدوي.. فأجد فيما أقرأ له... وعنه، فلسفة فكر، وفلسفة تعامل.. فيلسوف آثر البُعد.. العزلة.. الانكباب على الكتب بحثاً، وتمحيصاً.. قراءة وارتواء.. فتلاً ونقضاً. وقع في عدة معارك مع فلاسفة، وأدباء، ومفكرين، خرجنا من المعارك بتصوُّر لا بأس به عن شخصية الفيلسوف المتفلسف د. بدوي. (2) تناول بصحبة (د. سعيد اللاوندى) فنجان قهوة في مقهى باريسي.. ما أن انتهى من تناول قهوته حتى ترك أمام د. سعيد ثمن فنجان القهوة الذي شربه!! قال له د. سعيد: تصوّرتك يا أستاذ بدوي ستدفع لي ثمن قهوتي معك!! فقال د. بدوي: في شبه غضب: كل واحد يدفع ثمن قهوته. قال د. سعيد: يبدو أنك بخيل مثل صديقك توفيق الحكيم!! فقال د. بدوي: وهل كل من يرفض أن ينفق أمواله على الآخرين يُعَد بخيلاً..!! غريب أمركم! (3) البخل.. وأشدّ منه الشح.. فهل استحق د. عبد الرحمن أن يطلق عليه هذه التهمة!!؟ كيف هي رؤيتنا للشح والبخل!!؟ وهل الإمعان في هدر المال على من يستحق أو لا يستحق كرم نباهي به!!؟ أو نمتدح به العرب ونحن نذم الغرب، والفرد منهم يحاسب عن ما أكل أو شرب..!!؟ القضية أكثر تعقلاً من أن نصف من شئنا بما نشاء.. وفق هوانا وبحسب أمزجتنا، أو رضانا وعدم الرضا. (4) لسنا دائماً مع الشخص.. ولسنا ضده.. ولا مع معارك د. بدوي مع (محمد أركون) المفكر الجزائري ولا ضدها. أو مع (جامعة السوربون).. ومع (عبد الله نعمان) الكاتب اللبناني.. ومع (د. فؤاد زكريا) المفكر المصري.. معارك داعمة.. تغذي العلاقات.. تفرزها وتصقلها.. ولا تضعفها كانت قوية.. أو لم تكن. عبد الرحمن بدوي صارم في تعامله.. وجاءته الصرامة (كما أخبر بذلك د. ثروت شقيقه) من والده الذي كان قاسياً في تعامله معهم. القسوة والصرامة كثيراً ما نحتاج إليها في تأديب الأشخاص.. ومن يستحق.. بيْد أنّ التربية الحديثة، أحياناً قد تجني وهي تراعي نفسية الفرد، خدش مشاعره.. تشويه معالم شخصيته.. لكنها الصرامة والقسوة المعقولة. (5) د. عبد الرحمن بدوي أثرى المكتبات بمؤلفات.. بعدّة لغات. ثراء المكتبات بكتبه الفلسفية والفكرية ثراء للثقافة العربية.. وللسان العربي. قد يكون، كشخصية، غير مرغوب فيه.. لأنه صدامي.. نافر من الناس.. يطلق لسانه في الذم.. أو غير قادر على إقامة جسور حقيقية مع أي إنسان كان!! ولكنها شخصيته ولن تقف دون حرصنا على قراءة مؤلفاته وهو من لم تغره الجوائز.. والأوسمة.. والنياشين. في حين أغراه البحث والتنقيب وقضاء أشهر في مدن أوروبية، وأخرى للاطلاع على المخطوطات، كانت نتائجها أكثر من 120 مؤلفاً.