يوم عاشوراء لعام 1433ه صار محل أخذ ورد في تحديده فسبق قبل عشرة أيام أن كتبت إطلالة في صحيفة «الرياض» ذكرت أن شهر ذي الحجة لعام 1432ه تسعة وعشرون يوماً ابتدأ بيوم الجمعة الموافق 28 اكتوبر عام 2011 وانتهى بيوم الجمعة الموافق 25 نوفمبر عام 2011 حيث إن شمس يوم الجمعة 25 نوفمبر غربت الساعة خمس وثمان وثلاثين دقيقة وغاب القمر بعدها الساعة خمس وإحدى وخمسين دقيقة فقد غابت الشمس قبل القمر بثلاث عشرة دقيقة وهذا دليل على أن شهر محرم عام 1433ه بدأ يوم السبت الموافق 26 نوفمبر عام 2011م وأن يوم عاشوراء هو اليوم العاشر لشهر محرم يوم الاثنين الموافق 5 ديسمبر عام 2011م وهذا هو الذي صدر عن مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية مسجلاً منها في تقويم أم القرى المعد إعداداً فلكياً من المدينة - مدينة الملك عبدالعزيز، ثم بعد ذلك صدرت بعض الكتابات من بعض اخواننا أن شهر ذي الحجة ثلاثون يوماً لأن هلال شهر محرم عام 1433ه لم ير ليلة السبت وبناء عليه فإن يوم السبت الموافق 26 نوفمبر عام 2011 هو آخر يوم من أيام شهر ذي الحجة ويكون يوم الأحد الموافق 27 نوفمبر عام 2011م هو أول يوم من شهر محرم 1433ه ويكون اليوم العاشر - عاشوراء - يوم الثلاثاء الموافق 6 ديسمبر عام 2011م وخطب سماحة المفتي وقال - حفظه الله - إن الاحتياط هو صوم يوم الاثنين 5 ديسمبر ويوم الثلاثاء 6 ديسمبر. وصار الناس في حال تردد وكثرة تساؤلات. ثم بعد ذلك أصدرت المحكمة العليا بياناً بأن هلال شهر محرم عام 1433ه لم ير يوم الجمعة في المساء بعد غروب الشمس وعليه فيكون يوم الأحد الموافق 27 نوفمبر هو اليوم الأول من شهر محرم ويوم الثلاثاء الموافق 6 ديسمبر عام 2011 هو اليوم العاشر - عاشوراء - وتعليقي على هذا الوضع ما يلي: أولاً: لقد سبق أن كررت إشادتي بالمنهج السليم من المحكمة العليا - الجهة المختصة بترائي الأهلة وإصدار القرارات بما يثبت لديها - فمنذ أن أسند إليها الاختصاص بذلك صارت أمور صيامنا وفطرنا وحجنا منتظمة ومبنية على اجراءات دقيقة جمعت بين المقتضيات الفلكية والمقتضيات الشرعية. حيث اعتنت بضوابط قبول الشهادة على الرؤية سواء أكان الفلك يقرر الإثبات - غروب القمر بعد الشمس - أم يقرر النفي - غروب القمر قبل الشمس - ومن أدق ما أخذت به المحكمة قبول رؤية هلال شهر شوال لعام 1432ه مع أن الشمس غربت قبل القمر بثلاث دقائق فقط. وأرجو أن المحكمة العليا تحافظ على هذا المنهج السليم وأن تعتني بترائي الأهلة لاسيما الأشهر المتعلقة بها مواقيت العبادة ومن ذلك شهر محرم لكل عام. وعندي ظن قوي وغالب أن المحكمة العليا لم تبذل مجهودها المشكور في ترائي هلال شهر محرم عام 1433ه وأنها وجدت نفسها في احراج مع وضع الأخذ والرد في تحديد يوم عاشوراء، فبعد بضعة أيام من دخول الشهر أصدرت بيانها الخالي من ترائي الهلال وعدم رؤيته وإنما رأت أنها بإصدار هذا البيان قد خرجت من الاحراج. وأقول لإخواني رئيس وأعضاء المحكمة العليا كان منكم عناية متناهية في إثبات هلال شهر شوال مع أن الشمس غربت قبل القمر بثلاث دقائق فقط وشهر ذي الحجة آخره يوم الجمعة الموافق 29/12/1433ه وقد غربت الشمس مساء يوم الجمعة الساعة خمس وثمان وثلاثين دقيقة وغرب القمر بعدها الساعة الخامسة وإحدى وخمسين دقيقة أي بعد غروب الشمس بثلاثة عشرة دقيقة، فلو كان من المحكمة تكليف بالترائي لكانت الشهادة بالرؤية متواترة.. فلقد تمت الشهادة بالرؤية بفرق ثلاث دقائق في شهر شوال فكيف لا تتم بفرق ثلاث عشرة دقيقة في شهر محرم عام 1433ه؟. ثانياً: احتج بعض اخواننا القائلين بتمام شهر ذي الحجة ثلاثين يوماً بقوله صلى الله عليه وسلم: فإن غم عليكم فأكملوا الشهر ثلاثين يوماً. وأحب من إخواني الوقفة عند قوله صلى الله عليه وسلم فإن غم عليكم ليظهر من ذلك أن الحكم بإكمال الشهر مبني على تراءٍ لم تثبت منه الرؤية، فهل وجد تراء حتى يقال بأنه غم علينا؟ فإذا كان لدينا طريقان موصلان إلى غاية وسدَّ أحدهما فهل تترك الطريق الثاني لسد الطريق الأول؟ وقد يتساءل أحد الإخوان ما هما الطريقان؟ والجواب الطريق الأول علم الفلك وقد أعطانا علماً بدخول الشهر يوم السبت والطريق الثاني الترائي ولم يسلك مع أنه قائم وموصل. ثالثاً: ذهب بعض المتعلقين بعلم الفلك إلى تعليل عدم قبول إثبات دخول الشهر مع أن الشمس قد غربت قبل القمر بعدم إمكان الرؤية وإن كانت الشمس قد غربت قبل القمر. وهذا القول وإن قال به من قال من علماء الفلك فالله سبحانه وتعالى قد منَّ على بعض عباده بنعمة إبصار حادة ولا يمكن أن تحجز قدرة الله تعالى لعباده في حدَّة إبصارهم والقول بأن أشعة الشمس تمنع رؤية القمر مع الشمس قول فيه نظر ومع ذلك فالترائي والرؤية نتيجته كان بعد غروب الشمس ومعها أشعتها. وخلاصة هذا التعليق أن عتبي على المحكمة العليا المسؤولة عن إثبات الأهلة بأي وسيلة من وسائل الإثبات وأن المسلمين في حاجة إلى تزويدهم بذلك كل شهر قال تعالى: (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس) والله المستعان. * عضو هيئة كبار العلماء