«عوّاد» يعود من رحلة حاملا معه كيساً مملوءاً بالقميري! إخاله لم يبق طائراً يطير بجانحيه يسمى «قميري» يقول: لقد كانت رحلة في إطار جهود مشروع التطوير!!. نواصل حديثنا السابق. ماذا تقصد؟ .. أنت لا تعرف إلا إزعاج رأسي بمهاراتك المعجبة في طريقة اللاتين والإنجلوسكسون، وسياة القانون. دعك من هذا. سأخبرك بسر: هذا هو الحل السحري لمشاكلنا هنا .. صدقني..! يبلغ ب «عوّاد» جرعة الحماس صبيحة ليلة «قانونية بامتياز» ليعلنه بفجاجة أمام الحنابلة. أرمقهم علتهم ابتسامة.. يا ابني .. لقد كان قبل يومين «مجرد التفكير» في هذا يعد من المهلكات!! فكيف بإعلانه والدعوة إليه والعمل به تفسيراً لسورة العصر!!. في الجهة المقابلة ل «عوّاد»، «عويِّد» .. يرى والرأي له .. إبقاء المكان كما كان .. والأقوال لا تتغير بتغير الأمكنة والأزمان مريدا واقعاً هلامياً بقاعدة السلامة لا يعدلها شيء. هذه لقطة من التباين التفكيري قد يصل ببعض حالاته إلى حدة متوترة تصل حدتها للمزاج العام في البيئة، مؤذنة بالحاجة إلى محسنات في «مزاج التفكير» لتبدو منسجمة مع خط «المزاج العام» في «الهوية المرجعية». من هذا الوعي الكلي المنهجي ما جعل الملك فيصل رحمه الله يدرك ضرورة تغيير كلمة «تشريع القوانين» إلى «تنظيم الأنظمة» إلى كلمة متوائمة في التصور العرفي مع أطر المرجعية. وهي سياسة رشيدة سار عليها خادم الحرمين الشريفين عندما منع إطلاق «ملك الإنسانية» في إشارة واعية لهذا الوعي. مجتمع الوعي الناهض بعناصره النبهة هو المؤهل لإضفاء هذه «المحسنات» وهو الذي يدرك حاجته الماسة للمنهج وللسياسة المطبوعة بالانسجام العام، لتكون «المحسنات التفكيرية» «ملكة ذاتية» تنطلق بمعرفة حدود وأطر الهوية، والمفتخرة حد النخاع بتعابير «الإرث الحضاري» والمتحركة بمبادئه، لينساب الانفتاح عن وعي بعد جودة النوعية لمعادن الصفوة. وبالمناسبة طبياً المزاج التفكيري قد يصاب أحياناً بخلل يحتاج لبعض المحسنات تسمى «مثبتات المزاج» تستعمل في العلاج. وأي إنسان مرشح لنوع بسيط أو فادح من الاضطراب الوجداني الثنائي القطب Bipolar mood disorder وهذا الخلل يجعل مصابه مثلا: رث الثياب، لابساً الفراء في يوم قائض، يرفع تمائمه أمام منتدى عام. سأصعد القمر؛ لأنني أمتلك منصة فضائية. ثم يلتفت لمجموعة من حاملي الدفوف والتمائم فيشير لهم بسبحته ويهز لهم رأسه «بكل كاريزما» معلناً ابتداء الجلبة. فتنطلق الأهازيج هنا وهنا وكأنها أيام الموالد. الطبيب النفسي الجرماني Emil Kraepelin انتهت أبحاثه: بأن كثيراً ما يكون الأشخاص المسلط عليهم الأضواء كالفنانين والعلماء أكثر عرضة للإصابة بثنائي القطب. وتتناوب معهم فترات من الكآبة مع فترات من الابتهاج غير الطبيعي والضلالات التفكيرية وربما تؤدي بالشخص للقيام بأعمال انتفاخية طائشة أو غير مسؤولة تضر بتوازن المجتمع. مجتمع الوعي الناهض يعي كيف يكون الاختلال في مزاج التفكير للشخص أحياناً سببه عرض يؤثر في عطائه الحياتي، فيمارس دوره الواعي التطوعي في علاجه. وعلى هذا جرى التوقيع. * القاضي في المحكمة العامة في تبوك.