بعد التجربة الأليمة لمدرسة براعم الوطن كان حقاً على المديرات أن يتخوفن من كل رائحة، ومن كل شبهة قد تؤدي إلى مخاطر حقيقية، أو تؤدي لتعريض حياة الطالبات للخطر أو إلى الوفاة، أو تؤدي إلى قفز الطالبات من الأدوار العليا. لذلك تلقت الأجهزة المعنية كالدفاع المدني بلاغات كثيرة وعديدة من بعض المدارس، تخوفاً من تماس كهربائي أدى إلى فصل التيار الكهربائي عن المدرسة، لذلك قامت المديرة بإرسال رسائل جوال للأهالي تطالبهم بالحضور لاستلام اطفالهم، وكتبت في الرسالة بسبب عطل كهربائي بالمدرسة، دون الإشارة لوجود اي مخاطر، وقامت المديرة بوجود الدفاع المدني بإخلاء الطالبات للمسجد المجاور تحسباً من إعادة الكارثة الأليمة، وتخوفاً من اتهامها بالتخاذل أمام خطر قد يحيط بالمدرسة وتحال المديرة إلى التحقيق، لأنها لم تتفاعل مع الموقف كما ينبغي. فوجئت اليوم بخبر في عدد من الصحف عن استياء الأهالي من الرسالة الغامضة هذا أولاً، ثم استيائهم من قرار مديرة المدرسة بإخلاء الطالبات دون إذنهم هذا (ثانياً)، ومن رغبتهم برفع شكوى ضدها، لأنها تصرفت ولم يكن هناك حاجة تذكر لهذا التصرف، هذا (ثالثاً)!! الغريب أن بعض المعلمات في المدرسة ابدين استياءهن بشدة من دخول رجال الدفاع المدني، الذين دخلوا المدرسة للتأكد من عدم وجود مخاطر (هذا رابعاً). الغريب أن بعض أولياء الأمور طالبوا مديرة المدرسة بالاعتذار، وإعادة النظر في ما قامت به. ونعود إلى الأعداد التي وضعناها بين قوسين لنحللها، هل يحق لمديرة المدرسة ان تخاف بعد حادثة براعم الوطن أم لا؟ حتى لو كانت هناك شبهة من عدمها. هل من يقيم مستوى الخطورة المعلمات المستاءات من دخول رجال الدفاع المدني؟ أم رجال الدفاع المدني؟ أم المديرة التي ستتحمل وحدها وزر كل روح أزهقت، وكل جسد نحيل داسته الأقدام، وكل روح فضلت إلقاء نفسها من الدور الثالث هرباً من الدخان ولهيب النيران. هل الأهالي مستاؤون من ثقافة الاحتراز؟ هل يفضلون أن تعاد مأساة براعم الوطن، ويجد الآباء أبناءهم في المستشفيات بين الحياة والموت. هل الأهالي مستاؤون من إرسال المدرسة رسائل على الجوال تفيد بأهمية الحضور لانقطاع التيار الكهربائي فقط دون الإشارة لوجود اي مخاطر. هل سيعامل الأهالي بحكمة وتروي لو تم إرسال رسالة تفيد بوجود اشتباه حريق في مدرسة بناتهم؟ ماذا عن التجمهر والعشوائية التي يفعلها في الغالب الآباء، أليست كلمة الحضور للأهمية كافية دون التسبب في إرباك الأهالي؟ هل دخول رجال الدفاع المدني لمعرفة الوضع على الطبيعة، وخصوصاً وجراحنا ما زالت تنزف بغزارة يثير استياء بعض المعلمات.. ما هو المطلوب بالتحديد يا أخوات؟ عوضاً عن التذمر الذي حصد أرواحاً من قبل في مكة الذين طالبوا الدولة بتدريب نساء على مهام الدفاع المدني، أو تذكروا أن إنقاذ الحياة أبدى وأهم من رؤية رجال الدفاع، لكن في هذه المواقف بالتحديد مواقف الحياة والموت يتحكم بها حسن التصرف والفطنة. احترنا في أفراد مجتمعنا؟ لو وجدنا اهتمام وإيثار ثقافة الاحتراز وجدنا معارضين ومعارضات، ولو استهترنا بشبهات الخطر وجدنا اتهامات باطلة، ومطالبات بالعقوبة... ماذا تريدون إذاً؟