«ابن طراق» بطل رواية سعودية هو عنوانها، نقلها محمد وبدر السماري. وهي رواية مثيرة وممتعة، حجزت مكاناً بارزاً، وإن شئت متفرداً على مقاعد الرواية السعودية والعربية الحديثة. «ابن طراق» يذكّرك بشخصية السيد احمد عبد الجواد، بطل ثلاثية نجيب محفوظ الشهيرة. ثمة عوامل مشتركة بين عبيد ابن طراق، وأحمد عبدالجواد. لم يكن ابن طراق فاسقاً على طريقة عبدالجواد، لكنهما يتشابهان في ترتيب المهمات السرية، وخوض الصراع بين الموروث الديني، وممارسة الرغبات المحرّمة، كل منهما يعيش على قاعدة المعصية لا تخرج من الملة، ويخفي نزواته بالتكاذب والهيبة، ويكابد الصراع بين ضعف الجسد، وطموحه للشهوات. كان احمد عبد الجواد روح الثلاثية وسلطتها. وعبيد ابن طراق فرض وجوده على أسرته ومجتمعه، وظل اسمه يتردد على مدى الرواية، وهو مات في فصلها الأول. كان حاضراً بقوة، ولكن ليس بالمقدار الذي يليق ببطل رواية، ربما لرحيله المبكر، وإن شئت لعدم تعاطف الراويين معه. في ثلاثية نجيب محفوظ تظل تتذكر شخصية احمد عبدالجواد، كأنك تراه، وأصبح «سي السيد» الذي بات مثلاً. لكن «ابن طراق» يغيب عنك بمجرد تركك للنص، فضلاً عن ان محفوظ أبدع في وصف ملامح شخصيات أسرة عبدالجواد، وزوجته أمينة على نحو عكس جبروت البطل، وفي رواية ابن طراق لم نعرف عن زوجته الأولى «أم العيال» شيئاً مهماً. كان «ياسين» نجل عبدالجواد البكر صنو أبيه، يشبهه حتى في فنون الفسق، وكان «جبل» الابن الأكبر لابن طراق يشبه اسمه، ولا يمت لأبيه بصلة غير النسب. ومثلما أبدع محفوظ في تشابه الابن بأبيه، تفنن الروائيان السماريان في استخدام التناقض والاختلاف بين جبل، ووالده عبيد بن طراق. لا شك في ان رواية «ابن طراق» ستظلم إن أُخذت كشهادة على المجتمع الذي يشكّل بيئتها، على رغم انها تجاهلت تسمية الأماكن كلها ووصفها، كما فعل جل الروايات السعودية المهمة. الرواية خيال محض، و «ابن طراق» فيها خيال خصب، وتسلسل زمني متقن ومتدفق ومدهش. وهي لا تختلف، في تماسكها وإبداعها، عن الروايات العربية الجميلة. استطاع السماريان نقل شخصيات البرجوازية الشعبية في المجتمع السعودي، وهي المرة الأولى التي نرى فيها شخصيات من هذه الطبقة في رواية. الأكيد ان رواية « ابن طراق « كرّست الاعتراف بقدرة الرواية السعودية على انتزاع الإعجاب والمنافسة.