ربما يعود حرص الكثيرين وخصوصا من بسطاء الناس على تفسير أحلامهم إلى البحث عن بصيص أمل في غد أفضل حتى وإن كان مجرد كلام في الهواء يطلقه مفسر أحلام (تحت ربما يعود حرص الكثيرين وخصوصا من بسطاء الناس على تفسير أحلامهم إلى البحث عن بصيص أمل في غد أفضل حتى وإن كان مجرد كلام في الهواء يطلقه مفسر أحلام (تحت التمرين). فبث التفاؤل في النفس مريح لها جدا ، حتى ولو أيقن صاحبها أن هذا الأمل مجرد "حلم". ولأن الضغوط الاجتماعية والسياسية تحيط بالإنسان العربي من كل جانب ولا تتركه حتى في منامه، تكاثرت برامج تفسير الأحلام في الفضائيات العربية بشكل لافت في الأشهر الأخيرة، بعد أن مرت بكمون بسيط في السنتين الأخيرتين، لتواكب المغلوبين بأحلام "الحرية" وبربيع "الديموقراطية" اللذين لم ينثرا حتى الآن سوى ورد من أسواط الجلادين، في انتظار أن تنبت من بين الأشلاء أزهار جديدة أكثر بياضا. فمن يشاهد الكثير من تلك البرامج"الحالمة" يتعجب من عبقرية بعض من يتقمصون دور مفسر الأحلام، فأحدهم يسأل صاحبة حلم بثته في الفضاء المرئي وما أكثر النساء المشاركات في مثل هذه البرامج عن كل عائلتها فردا فردا، وماذا يعملون، وكيف يتصرفون في حياتهم اليومية، موهما هذا "الحالمة" المسكينة أنه يبحث عما وراء الحلم، لكن المفاجأة في النهاية أنه يقدم لها نصائح مجانية تجدها في أي كتيب يباع على أرصفة الأحلام، وبذات الأسلوب المنسوخ نسخا يجيب على حلم شخص آخر، على الرغم من أن تفاصيل الحلمين لا تلتقيان في شيء سوى في أن المفسر واحد. ومع أن أحلام المنام صارت في اليد، ويمكن معرفة مقصدها ونهايتها على أيدي عشرات وقد يكونون مئات ممن لبسوا عباءة تعبير الرؤى ولو دجلا، وحجزوا لهم مكانا في أستوديوهات فخمة، تجاور (محللي/ مهرجي) الرياضة والسياسة. إلا أن الأجيال الحالية، لم تعد تنام كثيرا، وربما ستتقلص أحلامها "النائمة" وتصحو منتفضة في الوجوه، فتكسد" مهنة التفسير" التي أصبحت تجارة العصر الفضائي، لأنه لم يعد هناك وقت لأحلام المنام، في ظل سيطرة أحلام اليقظة، التي تسرح بشاب أو شابة في مقتبل العمر ليحلما بأي وظيفة (حيا الله) تضمن لهما قوت اليوم، أو أمتارا قليلة من الأرض، يفترشانها دون خوف من جرافة (هامور) عقاري! ووقتها... من يجرؤ على التصدي لتفسير أحلام اليقظة (البسيطة/ الصعبة) لهؤلاء الشباب والشابات، ولو بالكلام الفضائي المجاني؟