الجميل أن حادثة العوامية لم تكن الشغل الشاغل للإعلام السعودي أكثر مما تستحق، ولم تستقطب الإثارة التي ربما كان يطمح إليها من وقفوا وراءها. بيان وزارة الداخلية كان واضحا ومباشرا ومختصرا، أجاب على كل الاستفسارات والتساؤلات، وبعد أن أشار إلى المحرك الأساسي للحادثة وضع الذين قاموا بها أمام خيارين صارمين، إما الوطن أو الذين يسعون إلى إثارة الفتنة في الوطن.. ومع أن الحادثة يجب ألا تعطى أكثر من حجمها إلا أنه ليس جيدا أن نتغاضى عن أبعادها ودلالتها، وليس مفيدا ألا نقرأ منها الاحتمالات الممكنة، فهي الحادثة الأولى فيما نعلم التي تظهر فيها قنابل المولتوف في شارع سعودي بفعل مواطنين سعوديين، وربما هي الأولى التي يخرج فيها شباب بشكل علني لينفذوا هجوما على أفراد الأمن، غير متخفين ولا متنكرين. هو أسلوب مواجهة إرادي علني متعمد، وهذا يعني توفر الإرادة المسبقة والتخطيط والمضي إلى مرحلة التنفيذ. الجهة التي تقف وراء هذه الحادثة ربما كانت تطمح إلى أنها ستؤجج حريقا طائفيا في المملكة، وأن نار الفتنة ستشتعل بمجرد إلقاء زجاجة مولتوف، لكن ذلك لم يحدث؛ لأن الأجهزة الرسمية لم تتجاوز في التعامل مع الحادثة حدود ما يجب، ولأن المجتمع لم ينقسم إلى جناحين يتبادلان الهجوم. أول من ذم وشجب الحادثة جمع كبير من علماء ومفكري ورموز الشيعة في المملكة، كما لم يبدأ الهجوم على الإخوة الشيعة بشكل عشوائي غير منضبط، أي أن المسألة لم تنزلق في النفق الطائفي كما كانت تحلم بذلك الجهة الراعية لهذه الحادثة السخيفة. كانت مجرد حادثة شغب بسيط وتعد على أفراد الأمن، والتعامل معها لن يختلف سواء قام بها شيعة أو سنة، فليس هناك نظام مفصل للتعامل مع فئة دون غيرها، النظام هو النظام يطبق على كل المواطنين.. الجهة الراعية للحادثة لن تتوقف محاولاتها ضد المملكة فسوابقها تؤكد ذلك، ولأنها تمر بأوضاع داخلية مرتبكة، والأفق الإقليمي يسبب لها قلقا كبيرا بسبب تصدع ذراعها القوية فإنها تتخبط بشكل جنوني، تريد إشعال الحرائق في محيطها لتختلط الأوراق كسبا لمزيد من الوقت، لكن حادثة العوامية أثبتت أن رهاناتها ليست دقيقة، لكن يجب علينا أن نكون في منتهى اليقظة..