مازلنا ننظر إلى التطوير في مدارسنا بنظرات ريبة وشك، ونراوح خطواتنا في الدخول إلى أي مساحة مطّورة لا نجد لها شبيها في موروثنا، وفي الوقت الذي ينتج فيه العالم أجيالا جديدة وبمواصفات فريدة؛ نسعى نحن ونستميت لاستنساخ جيل يشبهنا، يحمل ختم (مطوّر)، لذلك يأتي التطوير شكليا خاليا من أي مضمون مطوّر. ولعل آخر هذه التطويرات المترددة ما تسعى إليه وزارة التربية والتعليم من دمج الطلاب والطالبات في الصفوف الأولية، ولا أعرف ما سبب (وجع الراس) والدوخة لتحقيق الشروط التي وضعتها وزارة التربية والتعليم قبل السماح بالدمج، لأننا بعد الدمج؛ سوف نصل وبواسطة هذه الشروط إلى ذات الوضع السائد قبل الدمج، مع كثير من العقد المترتبة على فصل ما تم دمجه في وقت سابق، حيث صرحت الأستاذة نورة الفايز نائبة وزير التربية والتعليم، بأن تعليم الأولاد في مدارس البنات لن يتم إلا بعد تحقيق ثلاثة شروط، الأول: أن يدرس الأولاد في فصول منفصلة عن البنات، الثاني: أن تكون أوقات فسحة البنات مختلفة عن الأولاد، والثالث: أن تكون دورات مياه البنات مختلفة عن دورات مياه الأولاد. وبذلك نكون حققنا الدمج المنفصل بين الأولاد والبنات. وإني من باب الشفقة على هؤلاء الصغار أتمنى عدم تطبيق هذه التجربة، لأنها وإن كانت ستقضي على مسميات مدارس بنات ومدارس أولاد إلا أنها سوف توجد فصول بنات وفصول أولاد، وفسحة بنات وفسحة أولاد، ورحلات بنات ورحلات أولاد، ثم بعد ذلك هل نتحدث عن دمج هادف؟ أما إن كان الهدف من تعليم الأولاد في مدارس البنات هو أن المعلمة الأنثى أكثر لطفا في التعامل مع الأطفال؛ فإنه بالإمكان الإبقاء على الطلاب في مدارسهم واستبدال الكادر الرجالي بكوادر نسائية مئة بالمئة. وإن كنت أعتقد أن هذا الأمر سيبقى سبة في تاريخ أي رجل سعودي يتخرج من بين يدي امرأة، فيفاجأ بأقرب المقربين وفي أبسط المواقف يواجهه بحقيقة "ماعليك شرهه، مدرستك مرة" ونعود بعدها لنقطة الصفر. لذلك، فمن الآن يجب أن نحدد موقفنا بدقة ووضوح.. هل نحن مع الدمج وما يترتب عليه من اختلاط بين الصغار؟ أم نحن ضده وضد ما يترتب عليه؟ ولعل أكثرنا سيجيب عن هذا السؤال بإجابة نفصلها نحن على مقاسنا، ونضع لها شروطا تقربها من تصوراتنا، فنقول بعد الاستعانة بالله.. نعم، نحن مع الدمج ولكن بشروط.