حسان بن إبراهيم السيف - الاقتصادية السعودية وجود قضاة مختصين في تنفيذ الأحكام القضائية في المحاكم العامة يمارسون صلاحيات واسعة لإجبار المحكوم عليهم على تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة أمر ساهم في مساعدة الجهات التنفيذية على أداء مهامها، ولكن بقيت الأحكام الإدارية الصادرة من ديوان المظالم ضد الجهات الحكومية محصنة عن سلطة قضاة التنفيذ، ويبدو أن المنظم قد بنى ذلك على افتراض مؤداه أنه لا يتصور امتناع أو حتى تلكؤ الجهات الحكومية عن تنفيذ تلك الأحكام، ولكن المؤسف أن الواقع أصبح خلاف ذلك خاصة في ظل غياب مواد قانونية تضع آلية محددة لتنفيذ الأحكام الإدارية. وهذا الواقع لا بد أن توجد له حلول جذرية تسرع من وتيرة تنفيذ الأحكام الإدارية ومن ذلك أن يتم تعيين قضاة تنفيذ يختصون بمتابعة تنفيذ الأحكام الإدارية تحت مظلة ديوان المظالم أو أن يخول قضاة التنفيذ في القضاء العام هذا الاختصاص، ولا بد أيضاً من سن آلية نظامية توضح الإجراءات التي يتخذها المحكوم له عند امتناع الجهة الحكومية عن تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها خاصة أن نظام تنفيذ الأحكام القضائية لا يزال قيد الدراسة فيمكن أن تضاف مواد تتعلق بآلية تنفيذ الأحكام الإدارية ضمن ذلك النظام الذي طال انتظاره. ومن أهم الحلول تفعيل دور هيئة الرقابة والتحقيق في هذا الجانب لممارسة اختصاصاتها في رفع الدعاوى على المسؤولين عن تأخر تنفيذ تلك الأحكام القضائية من الموظفين الخاضعين لرقابة الهيئة، وكذلك تفعيل العقوبات الجزائية الناشئة عن الحق العام في القضايا الإدارية التي يثبت تحمل الموظفين في تلك الجهة جزءاً من المسؤولية عنها، وهو الذي يؤدي إلى تكبيد خزانة الدولة ملايين الريالات بسبب تقصير أولئك الموظفين أو تعديهم الصلاحيات الممنوحة لهم إذ إن الموظف إذا علم أنه سيلقى الجزاء الرادع فإنه سيفكر ملياً قبل ارتكابه أي تصرف مخالف للأنظمة، وهو الأمر الذي سيسهم في الحد من تلك الأخطاء، وهذه العقوبة تندرج ضمن الإجراءات الوقائية التي ستكون سبباً في حماية أموال الدولة عن تلك التصرفات اللامسؤولة، التي يعود ضررها على الجهة الإدارية ويُغفل فيها عن المتسبب بذلك الضرر. كما أن امتناع الجهات الحكومية عن تنفيذ تلك الأحكام سيكون سبباً في تحميل خزانة الدولة خسائر أخرى إضافة إلى ما هو مقرر في منطوق الأحكام الصادرة ضدها إذا تضرر المحكوم له من تأخر التنفيذ إذ إنه يحق له في هذه الحال رفع دعوى أمام المحكمة الإدارية للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به جراء امتناع تلك الجهة عن تنفيذ الحكم القضائي الصادر ضدها، ولكن المؤسف في الأمر أن المحكوم له سيبقى يدور في حلقة مفرغة من رفع الدعاوى ومتابعة القضايا في ظل مماطلة الجهة الحكومية عن تنفيذ الحكم القضائي. ولا شك أن تلكؤ الجهات الحكومية عن تنفيذ الأحكام الإدارية سيؤدي إلى إضعاف مكانة القضاء في نفوس الناس، لأن هيبة القضاء مدارها على نفاذ أحكامه، كما أن ذلك سيؤدي إلى تردد رجال الأعمال والشركات التجارية في الدخول في المناقصات الحكومية أو في أقل الأحوال سيكون سبباً في ارتفاع أسعار تنفيذ المناقصات استناداً إلى أن من عناصر تحديد السعر ارتفاع مخاطر التنفيذ وهو الأمر الذي سيؤدي إلى تعطل المشاريع التنموية للدولة وسيؤثر بشكل كبير في نمو الاقتصاد الوطني.