د.سليمان بن عبد الله السكران - الاقتصادية السعودية تشهد بعض الدول العربية تغيرات سياسية في أنظمتها في تقديري أن محركها الرئيس الشؤون الاقتصادية والحياة المعيشية لشعوبها حيث تتدنى مستوياتها لحد الفقر والعوز في حين أن مقدرات البلدان تلك أكبر بكثير من أن تصل إلى هذه المستويات السيئة. ومرة أخرى أعيد القول في كون الأمور السياسية ليست مجال تخصصي لذلك فالمنظور من طرفي هو ما يتعلق بالاقتصاد وهمومه ومحاوره. ومما لا شك فيه أن هناك استبشارا وتفاؤلا بنتائج هذه التغييرات على الخريطة السياسية وذلك بنجاح تحقق جزئيا أو في طريقه للتحقق بإيجابية ستنعكس على هذه الدول. فالنجاح السياسي الذي تحقق على أرض الواقع لبعض هذه البلدان بلا شك لم يكتمل ولربما في بعض منها في بداياته وسيحتاج إلى وقت لترجمته عمليّاً إضافة إلى ما سيحتاج إليه من تضحيات مؤلمة لكي يتبلور إلى ما يتطلع إليه ويؤمله كل عربي غيور على وطنه العربي الكبير. وعلى أي حال فالنجاح السياسي لن يكون ذا معنى دون نجاح اقتصادي وليس المقصود بالنجاح الاقتصادي فقط الإصلاح للفساد الإداري أو المالي فذاك شأن مفروغ من وجوبه وإيقافه بكل حزم دون انتظار بل هو الإصلاح الاقتصادي الشامل وذلك بوضع خطة اقتصادية قصيرة وبعيدة المدى تكفل تعضيد الموارد وتنفذ بكل احترافية ومهنية. ولذا فالواجب في هذه الخطط الاقتصادية التي تتباين لكل اقتصاد أن تأخذ بمقومات كل بلد وميزها التنافسية فالذي يصلح لتونس مثلاً ليس بالضرورة هو الذي سيصلح لمصر وهكذا حتى وإن كان في القطاع نفسه أو النشاط الاقتصادي كالسياحة على سبيل المثال. ومن حسن الطالع أن هذه الدول العربية لديها من الخبرات والعقول من يستطيع بتوفيق الله تنفيذ هذه الخطط دون حاجة إلى المؤسسات الدولية بشكل مباشر، التي قد تغَّلب جوانب سياسية طويلة المدى في اعتمادية البلد عليها وربط ذلك بنجاح اقتصادي مؤمل. إن الفساد الإداري والمالي هو واحد من أكبر ملوثات وتقويض الإصلاح والنجاح الاقتصادي الذي عادة ما يكون أحد مصادره هو استحواذ فئة أو فئات من المجتمع على الأنشطة الاقتصادية. ولذا فاستئشار فئة على أخرى أيَّا كانت هذه الفئة سيحول النجاح السياسي إلى صراعات يطول أمدها بل سيزيد من سوء كياناتها ونتاجها الاقتصادي عما كانت عليه من سوء. إن الأماني والأحلام كبيرة في أن نرى هذه البلاد العربية قوى اقتصادية مؤثرة في خريطة العالم الاقتصادي ولذا فالخوف أن يعكر صفو هذه الأحلام تغليب الأمور السياسية وعدم إعطاء المحاور والخطط الاقتصادية الزخم والتمكين نفسيهما. ونعني بذلك جوانب الاحترافية والمهنية والمصداقية وما تتطلبه من شفافية للتغيير الاقتصادي بشكل يكفل اكتمال النجاح الاقتصادي مثلما هو مؤمل من نجاح سياسي.