فيما العائلات في دول العالم الإسلامي مشغولة بتحضير اشهى الأطباق لإفطارات شهر رمضان حيث يتضاعف خلال هذا الشهر عدة مرات إستهلاك المواد الغذائية التي غالباً ما تذهب كميات كبيرة منها بعد الإفطار اليومي الى مكبات النفايات .. وفيما العالم الغربي منهمك بكيفية ضبط حركة البورصات التي تضاءلت ارباحها بسبب المديونية الأميركية التي بلغت اكثر من عشرة تريليونات دولار ، فإن هناك في القرن الأفريقي نحو 12 مليون شخص مهددون بالموت من الجوع منهم نحو الثلث في الصومال وحدها التي تدفن 325 طفلا يومياً . والغريب انه رغم حجم المأساة التي تهدد عدة دول في القرن الأفريقي وتحديداً الصومال وأثيوبيا وكينيا وأوغندا وجيبوتي فإن هذا الخبر يحتل حيزاً بسيطاً من اهتمامات وسائل الإعلام العالمية التي تعطي اكبر مساحة ممكنة للحديث عن ارتفاع اسعار النفط والذهب وعن تأرجح اسعار البورصات وعن السبل التي تعتمدها الولاياتالمتحدة الأميركية لرفع سقف المديونية المتراكمة وما لها من تداعيات على اقتصاديات كل الدول الصناعية والنامية. وإذا كان الغرب ومعه الكثير من دول الشرق يعاني من ازمة مالية نتيجة التخمة فإن دول القرن الأفريقي تعاني من موجة جفاف تجتاح المنطقة لأول مرة بهذه الحدة منذ اكثر من ستين سنة حيث قضت على الأخضر واليابس مقدمة بذلك دعمها ومساندتها لأمراء الحروب الأهلية في عدة دول افريقية الذين يشهدون بالعين المجردة مدى حدة المأساة الأنسانية ولكنهم يسخرون منها ، أو يعتبرونها مجرد قرابين يجب ان تقدم من اجل خدمة «قضيتهم الثورية» التي من غير المعروف اهدافها وغاياتها ومشاريعها سوى انها تخدم مصالح وأغراضا شخصية . ففي الصومال يحاصر شبح الموت 3.7 مليون شخص بين قسوة الجوع ورصاص « حركة شباب المجاهدين « المسلحة التي تنفي وجود جوع في البلاد وتسخر من تقارير تفيد بوفاة 29 الف طفل خلال 90 يوماً أي ما يعادل 325 طفلاً في اليوم الواحد . ومأساة الصوماليين لا تتوقف عند هذا الحد بل انهم واثناء هربهم من الجوع بإتجاه كينيا يتعرضون للإغتصاب هناك على ايدي عصابات تعجز الدولة عن ردعهم حيث يتحكمون برقاب 500 الف لاجىء صومالي وبما يحملون من متاع وأموال . وتفيد تقارير اممية ان هناك حاجة ماسة لتوفير 500 مليون دولار لتأمين مواد غذائية وطبية عاجلة وأن ما تم تأمينه حتى الآن لا يتجاوز نصف المبلغ رغم كل نداءات الإستغاثة التي اطلقت . ولعل هذا ما دفع بامرأة صومالية الى التخلي عن احد ابنائها وتركه يموت لقاء ان تنقذ الابن الآخر لأن كمية الغذاء التي حصلت عليها لا تكفي إلا لفرد واحد ..!!