لم يخيب النظام السوري توقعاتنا في طريقة تفاعله، وأسلوب تعامله مع خطاب الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي وجهه له مساء الأحد 7 أغسطس، وحظي بتقدير العالم واحترامه، شعوبا وحكومات.. تأريخ هذا النظام في تعامله مع كثير من القضايا لا يسمح بقدر معقول من التفاؤل في إمكانية تحكيم العقل، وتفعيل الحكمة، لكن كان ثمة بصيص أمل في أن يختلف نهجه هذه المرة بالذات؛ لأن الوضع في غاية الخطورة، وسورية في مفترق طرق الله أعلم أين تؤدي إليه، كما أكد الخطاب.. أقول لم يخيب النظام توقعاتنا لأن صحفه تناولت الخطاب في اليوم التالي بذات اللغة التي لا تعرف غيرها، لغة النظام الذي يصر على مغالطة العالم، ونفسه قبل أي أحد. تقول إحدى صحفه التي نشأت معه منذ أربعة عقود إن كلمة الملك عبدالله «أقرب إلى رسالة تهديد أمريكية منها إلى رسالة أخوية، تجاهل فيها حقيقة الأحداث والبراهين التي تثبت أن أشقاءه في سورية يتعرضون لمؤامرة تتجاوز حدود الخطابات.. وأنها لم تتضمن أية إشارة إلى المجموعات الإرهابية المتطرفة التي سعت إلى تمزيق وحدة سورية العربية والإسلامية، وتجاهلت أية إشارة إلى الجهات التي تقوم بتمويل وتسليح هؤلاء الإرهابيين، كما تجاهلت الإجراءات الإصلاحية التي أطلقها الرئيس بشار الأسد».. هذا لب ما قالته الصحيفة بعد إهمال الكثير مما لا يليق بكم قراءته.. فهل تعتقدون أن ثمة أملا في نظام يتعامل مع نصائح المخلصين له ولشعبه بهذا الأسلوب؟. كل المؤشرات تدل على أن النظام السوري كذب وكذب حتى صدق كذبه، وأصبح يتعاطى مع الأمور وفق هذا المنظور، وبالتالي لن يتورع عن المضي في جلب أسوأ الكوارث لسورية وشعبها المناضل الصابر. إنه مصاب بفصام مزمن فصله عن الواقع، وجعله يعيش في خيالات وأوهام مريضة لايصدق غيرها، ولا يؤمن بما عداها، وإلا لما بلغ به التهور إلى أن تكون ردة فعله الأولية لنصيحة مخلصة بذلك الشكل الذي تقيأته إحدى صحفه الرسمية.. هو لم يستوعب أن خطاب الملك عبدالله ربما يشكل طوق النجاة الأخير له لو فهمه على حقيقته، وتمعن في إشاراته، وبالتالي لا أمل يرجى فيه. العالم كله أصبح منحازا للشعب السوري، ورهان النظام على بقائه واستطاعته تصفية شعب ثائر بأكمله مجرد عبث. سيتحمل الشعب السوري آلاما أكثر وأشد لكنه في النهاية سيتخلص من نظام استحل دمه وكرامته وإنسانيته.. إن الحكمة والعقل تقتضيان زوال هذا النظام وليس منحه الوقت للمناورة بأرواح شعب.