واثق تماما أن خطاب الملك يحفظه الله الموجه للأشقاء في سوريا جاء بعد نفاد الصبر.. وهو ما يؤكد أن ثمة اتصالات كثيرة لم تثمر عن شيء فيما يبدو.. السياسيون يدركون أكثر من غيرهم أن الخطاب أصبح نقطة مفصلية في الأحداث.. في وقته وفي لغته.. كثيرون كانوا ينتظرون هذا الموقف الحازم وهذه الوقفة الشجاعة لعدة أسباب: الأول الثقل والدور المهم الذي تلعبه المملكة العربية السعودية في العالم اليوم، وفي المنطقة بشكل خاص.. الأمر الآخر هو دخول الأحداث في سوريا إلى نفق مظلم.. مئات القتلى، مئات المفقودين والأسرى.. آلاف المشردين.. لم تكن لغة البطش والدم تعرف عمرا، ولا تُميز لوناً، أو تستثني جنساً.. كان المشهد مؤلما: جيش يساق للمعركة بالقوة، لمواجهة شعب أعزل. الأمر الآخر وهو متعلق بسابقه، أن حكومة الأسد غير جادة فعلاً في حل الأزمة.. كانت تحاول إطفاء النار بالوعود وكسب الوقت.. والذي فاقم الأزمة أكثر أمران: الأول: لغة التهديد والوعيد المستمرة والثاني: أسطوانة (الجماعات المسلحة التي تستهدف أمن الوطن وسيادته)! لا يحتمل خطاب خادم الحرمين الشريفين أطال الله عمره أكثر من تفسير وأكثر من تخمين.. لغة واضحة لا تقبل الاحتمالات.. "مستقبل سوريا بين خيارين إما الحكمة أو الفوضى".. ومما يؤكد غضب المملكة كدولة لها ثقلها في العالم الإسلامي من ممارسات حكومة الأسد، هو استدعاء السفير السعودي هناك.. هذه الخطوة في العرف الدبلوماسي تعني الاحتجاج العملي.. وهو ما يعني بداية حقيقية لفرض عزلة سياسية على هذا النظام الدموي، الذي لا تريد حكومة ماهر و بشّار الأسد أن تفهمه ولا أظنها ستفهمه هو أن حاجز الخوف قد سقط في درعا قبل خمسة أشهر.. ونتائج عام 1982 لن تتكرر اليوم مهما كانت المعطيات.. الحل واضح تماما.. لكن لا أحد يريد سماعه في دمشق.