طرح سندات دولية بالدولار بقيمة 12 مليار دولار أمريكي    45,885 شهيدا جراء العدوان الإسرائيلي على غزة    عرض قياسي في افتتاح مهرجان هاربين الشتوي في الصين للجليد    مجلس الوزراء يوافق على تعديل في نظام المرور ونظام المواد البترولية والبتروكيماوية    "سلمان للإغاثة" يوزّع مساعدات إغاثية متنوعة في مدينة دوما بمحافظة ريف دمشق    اتفاق سوري - أردني على تأمين الحدود ومكافحة التهريب    أمانة المدينة تدشن المرحلة الثانية من مشروع " مسارات شوران "    136 محطة ترصد هطول أمطار في 9 مناطق    إي اف جي هيرميس تنجح في إتمام صفقة الطرح الأولي ل «الموسى الصحية»    استئناف الرحلات الدولية في مطار دمشق    خادم الحرمين يصدر أمرًا ملكيًا بتعيين 81 عضوًا بمرتبة مُلازم تحقيق على سلك أعضاء النيابة العامة القضائي    تعليم القصيم يطلق حملة "مجتمع متعلم لوطن طموح"    نائب أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشروعات التي تنفذها أمانة المنطقة    أمير الشرقية يستقبل رئيس وأعضاء جمعية أصدقاء السعودية    جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تطلق برنامج «راية» البحثي    التشكيل المتوقع لمواجهة الهلال والإتحاد    رئيس جمهورية التشيك يغادر جدة    ارتفاع أسعار الذهب إلى 2644.79 دولارًا للأوقية    لياو: شكرًا لجماهير الرياض.. وإنزاغي يؤكد: الإرهاق سبب الخسارة    "الأرصاد": رياح شديدة على منطقة تبوك    اللجنة المنظمة لرالي داكار تُجري تعديلاً في نتائج فئة السيارات.. والراجحي يتراجع للمركز الثاني في المرحلة الثانية    الاتحاد الآسيوي لكرة القدم يعلن مواعيد وملاعب كأس آسيا "السعودية 2027"    عبد العزيز آل سعود: كيف استطاع "نابليون العرب" توحيد المملكة السعودية تحت قيادته؟    البشت الحساوي".. شهرة وحضور في المحافل المحلية والدولية    القطاع الخاص يسدد 55% من قروضه للبنوك    6 فوائد للطقس البارد لتعزيز الصحة البدنية والعقلية    5 أشياء تجنبها لتحظى بليلة هادئة    الذكاء الاصطناعي ينجح في تنبيه الأطباء إلى مخاطر الانتحار    سفير فلسطين: شكراً حكومة المملكة لتقديمها خدمات لجميع مسلمي العالم    وزيرا الصحة و«الاجتماعية» بسورية: شكراً خادم الحرمين وولي العهد على الدعم المتواصل    سلمان بن سلطان يستقبل اللهيبي المتنازل عن قاتل ابنته    هندي ينتحر بسبب «نكد» زوجته    النائب العام يتفقد مركز الحماية العدلية    في ربع نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين.. كلاسيكو مثير يجمع الهلال والاتحاد.. والتعاون يواجه القادسية    جلوي بن عبدالعزيز يُكرِّم مدير عام التعليم السابق بالمنطقة    بداية جديدة    أهمية التعبير والإملاء والخط في تأسيس الطلبة    ليلة السامري    محافظ الطائف: القيادة مهتمة وحريصة على توفير الخدمات للمواطنين في مواقعهم    العداوة الداعمة    بلسان الجمل    تنامي السجلات التجارية المُصدرة ل 67 %    «شاهقة» رابغ الأقوى.. المسند: خطيرة على السفن    احتياطات منع الحمل    البلاستيك الدقيق بوابة للسرطان والعقم    جهاز لحماية مرضى الكلى والقلب    وزير الخارجية يناقش المستجدات الإقليمية مع نظيره الأمريكي ومع آموس الوضع في لبنان    أمير حائل يفتتح «مهرجان حرفة»    "رافد للأوقاف" تنظم اللقاء الأول    استقالة رئيس الحكومة الكندية    صافرة الفنزويلي "خيسوس" تضبط مواجهة الهلال والاتحاد    لماذا الهلال ثابت ؟!    مكة الأكثر أمطاراً في حالة الإثنين    العالم يصافح المرأة السورية    حماية البذرة..!    «أبوظبي للغة العربية» يعزّز إستراتيجيته في قطاع النشر    الأمير سعود بن نهار يزور مركزي" السيل والعطيف" ويقف على الأسكان التنموي والميقات.    أمير الشرقية يستقبل سفير السودان ومدير الجوازات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مغتصب جدة له أشباه

تصنف «لوليتا» بأنها الأشهر عالميا بين أعمال الروائي الروسي فلاديمير نابوكوف، وقد صدرت لأول مرة باللغة الإنجليزية في سنة 1955 ولها ترجمات عربية، وسينمائيا أنتج عنها فيلمان. الأول سنة 1962 والثاني سنة 1997. حبكة الرواية تدور حول فانتازيا العلاقة الجسدية بين رجل كبير وطفلة لم يتجاوز عمرها 12 سنة، وفي سطورها تسامح أو تبرير للفكرة أو أحيانا وضعها في قالب كوميدي، وهو أمر واضح في الأفلام أكثر من الرواية. الموضوع نفسه تناوله فيلم « ذي وودزمان 2004» أو «الخشاب»، والفارق أنه نظر لقضية استغلال الأطفال جنسيا من زاوية درامية ومأساوية نسبيا، وضحايا الفيلم الأخير كانوا من الأطفال الذكور. أما واقعيا فقد كانت فضائح الاعتداءات الجنسية على القصر أو صغار السن في أوساط الكاثوليك الملتزمة، موضوعا مفضلا ومكررا تناقله ويتناقله الإعلام الغربي منذ الثمانينات وحتى هذه الأيام، وكان أن صرح بابا الفاتيكان بندكتوس السادس عشر، في كلمة من كلماته دفاعا عن رجال الكنيسة وتحديدا في ديسمبر 2010 أن «البيدوفيليا» لم تكن سلوكا شاذا أو مرفوضا في السبعينات الميلادية، وفي هذا تفسير معقول لأريحية الخمسينات والتشنج الذي جاء بعدها بفترة. وقرأت أن المتحرشين بالأطفال تتراوح نسبتهم ما بين 3 و9 في المئة تقريبا في أي مجتمع، وأن هناك امرأة متحرشة مقابل كل عشرة رجال متحرشين، وتشخيص «البيدوفيليا» يشترط أن يكون فارق السن بين المتحرش والمتحرش به خمس سنوات على الأقل، وفي أمريكا الشمالية لا يتجاوز ما يبلغ عنه ويوثق رسميا، حالة واحدة في كل عشرين حالة تحرش.
أذكر ما ذكرت وفي البال ما نشره الإعلام المحلي عن مغتصب البنات الصغار في جدة، وكيف أنه أربعيني ويشغل وظيفة محترمة في التدريس ويعول عائلة مكونة من زوجته وأربع بنات وولدين، وأسلوبه الغريب في تنفيذ انحرافاته، وحجم الرعب الذي أحدثه للناس في المدينة الساحلية الهادئة، إلا من مطر يأتي كل عام ويقلبها رأسا على عقب، وحكاية استمراره لثلاث سنوات في ارتكاب جرائمه ضد 13 طفلة قبل أن يضبط ويدان طبيا، وأنه لازال في انتظار الإدانة الجنائية والقضائية. أفكر هنا في طريقة التعاطي الإعلامي والاجتماعي مع اغتصاب المرأة للطفل أو المراهق الصغير، بافترض أن القضية لم تأخذ حقها والمغتصب رجل، والمرأة تثير الاهتمام وتحرك المفاصل في الشاردة والواردة.
أقول هذا لأن الحادثة ربما تقاطعت مع أخرى باختلاف التفاصيل والزمان وتشابه الوظيفة، فقد انشغلت الصحافة الأمريكية في أواخر التسعينات بعلاقة غرامية غير مفهومة، طرفاها مدرسة أمريكية في المرحلة الابتدائية اسمها ماري كاي وعمرها ستة وثلاثون سنة وطفل لم يتجاوز عمره ثلاث عشرة سنة، وقد أنجبت منه طفلتين وحكم عليها بالسجن لسبع سنوات، ولكنها لم تتعلم وخرجت من السجن لتتزوجه، والمدرسة كانت متزوجة أثناء العلاقة ولديها أربعة أطفال، وانفصلت عن زوجها وأطفالها من الزواج الأول بعد الفضيحة.
المصيبة أكبر مما نتخيل، والرجل بالتأكيد مريض في ثقافته وفي نفسه، إلا أن ما قام به لا يعتبر خروجا صارخا على المألوف، إذا ما قورن بجرائم مماثلة وقعت في دول عربية كاليمن ومصر وغيرهما، وأيضا الأدلة الموثقة لاغتصاب العسكر الأمريكان للصغيرات في العراق، ومعها وكالات استئجار الأطفال للأغراض الجنسية في آسيا، وإقبال بعض رجال الأعمال من جنسيات مختلفة عليها، وزواج الصغيرات من الطاعنين في السعودية، أو من العاجزين تماما تحت ما يعرف محليا باسم «زواج الوناسة»، ثم ما هو المتوقع من طفلة سوية تكبر لتصبح امرأة وزوجها لا يستطيع القيام بواجباته؟ وهل المطلوب منها أن تتحول إلى راهبة مثلا؟ ولماذا لا تطبق قاعدة سد الذرائع أو تقدم المصلحة على المفسدة بدلا من حصرها في مسائل تضر ولا تنفع؟ وهنا سؤال عن الخط الفاصل بين المشروع وغير المشروع؟ ومتى يكون الفعل بحق الصغير جريمة أو لايكون؟ وهل يعتبر عقد النكاح كافيا لتسويغ الانحراف السلوكي وحيونة الإنسان؟
مبدئيا النفسانيون يرجحون أو يميلون إلى اعتبار أن المتحرش استغل جنسيا في سن مبكرة، وأن ما يفعله يمثل ردة فعل أو انتقاما معنويا ممن تحرش به، والرأي الثاني أن يستسلم وينتقم سلبيا أو يعرض خدماته لمن يريد، ولو طبقت القاعدة النفسية السابقة على المتحرش بهن في جدة فالنتيجة ستكون كارثية. أو بعبارة ثانية نحن أمام ثلاثة عشر متحرشة أو مستسلمة محتملة في المستقبل، ما لم يخضعن لعلاج مكثف وجلسات نفسية منتظمة تطول أو تقصر.
المجتمع يحتاج إلى مراجعة أولوياته، ولا بد من الاعتراف بأن الانحراف وارد وموجود للرجل والمرأة معا بعيدا عن الحكايات المتخيلة والمفبركة ولا أستبعد أن مغتصب جدة له أشباه، وهم مخدومون بثقافة العيب وكلام الناس وأحكامهم الجاهزة، خصوصا من يرى منهم بأن المرأة ليست إلا وكيلا للشيطان بين الرجال، وكأنها كائن مختلف أو مخلوق غريب قادم من المريخ، ويحملها بالتالي مسؤولية انحرافات الآخرين وأفكارهم السوداء والقذرة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.