انباؤكم - د سليمان الضحيان في ظل غياب مؤسسات مستقلة لقراءة توجهات الرأي العام ، وفي ظل انعدام أفق الحرية الذي يسمح للناس بالتعبير عن متطلباتهم، وتوجهاتهم، ورغباتهم في أغلب الدول العربية ؛ فإن رجل السياسة يقع غالبا في خطأ فادح في قراءة توجهات الشعب ومتطلباته ، ولا يدرك التغييرات التي تحصل فيه ، وذلك أن قراءته لواقع الشعب تكون معتمدة على ثلاثة أمور : الأمر الأول : تقارير المستشارين التي غالبا تكون مبنية على انطباعات شخصية؛ تكونت من قراءات ، ومجالس، مع وضع اعتبار كبير لدى غالب المستشارين لرغبات رجل السياسة نفسه ، ولعله من نافلة القول أن نذكر بأنه يستحيل أن يكون أي تقرير استشاري ذا جدوى من دون استطلاع واسع للرأي العام ، يعتمد على مسح عريض لقطاعات من الشعب. الأمر الثاني: ما استقر في ذهن رجل السياسة ، من تجارب التعامل مع الشعب ممن سبقه من الحكام ، وكيف نجحت الدولة في علاج المشكلات التي واجهتها ، أو ما يمكن أن نسميه ( ناموس الدولة) في التعامل السياسي مع الشعب ، وغالبا تلجأ إليه الدول التقليدية ؛ إذ تنحو منحى الاستمرارية في التعامل مع تغير الظروف ، وتغير الأزمات، فما نجح قديما ينجح حديثا دون أي اعتبار للزمن، الذي فعل فعله في الناس وتوجهاتهم ، ومتطلباتهم ، واهتماماتهم الأمر الثالث: قياس الرأي العام وتوجهات الشعب ب( الصوت المرتفع) لبعض فئات الشعب ممن يملك نفوذا ماليا، أو دينيا، أو إعلاميا، ويكون منظما في طرحه لوجهة نظره ، وتصوير نفسه على أنه المعبر الحقيقي لتوجهات الشعب بكل فئاته . وبناء على قراءة رجل السياسة للرأي العام وتوجهاته ومتطلباته اعتمادا على تلك المصادر الثلاثة تأتي قراراته غالبا قاصرة في فهم ما يحدث حقيقة على أرض الواقع ؛ وغالبا تكون في كثير منها في صالح فئة الشعب ذات الصوت العالي التي تستطيع التعبير عن نفسها بما تملك من نفوذ مالي أو ديني ، أو إعلامي ، ويغيب عن رجل السياسة توجهات، ومتطلبات الأغلبية الصامتة ، خاصة متطلبات الجيل الجديد من الشباب من الجنسين ، ومع الأيام تتكرس الشُّقة بينه وبين الأغلبية الصامتة ، فتتآكل شعبيته ،وهذا ما يؤدي إلى حركات الرفض الشعبي العارمة .