يعيش مثقفو مكةالمكرمة وأدباؤها هذه الأيام آمالاً كبيرة في أن يحقق المجلس الجديد المنتخب لناديهم الثقافي الأدبي أهداف راغبي إنشائه، من أولئك السابقين الكرام؛ السيد محمد حسن فقي شاعر مكة، وفيلسوف الحجاز، وشاعر القافية والأستاذ أحمد السباعي شيخ المؤرخين السعوديين، والأديب القاص، والصحفي المؤسس، والتربوي والمسرحي الشهير والأستاذ إبراهيم أمين فودة الشاعر والأديب المعروف، والرائد المجدد، وأول رئيس للنادي ، وأن يحقق المجلس أيضاً نيات هيئته التأسيسية الأولى التي ضمت مع السابق ذكرهم كلاً من الفضلاء حسين عرب، حامد هرساني، عبدالله عريف، صالح جمال، أحمد جمال، إبراهيم الشورى، راشد الراجح، ناصر الرشيد، عبدالله الزيد، محمود زيني، حسن باجودة، عبدالكريم نيازي، محمد مليباري، أحمد عطار، عبدالعزيز خوجة، عبداللطيف ابن دهيش، أحمد شكري، إسماعيل غسال، عبدالوهاب أبوسليمان، علي أبوالعلا، محمد محمود حافظ. وليواصل المجلس الخلف تحقيق نجاحات الأعضاء الكرام من المجلس السلف مع حفظ الألقاب سهيل قاضي، عبدالله العطاس، حمزة فودة، محمد الحارثي، حامد مطاوع، حامد الربيعي انتخب في المجلس الحالي ، سهل المطرفي، رشاد محمد حسين، فايز جمال، فاروق بنجر رحم الله تعالى من سبق، وحفظ من بقي . الآمال الكبيرة التي بدأت بها المقال شجعتني على خوض غمار مسألة الارتباط بين الدين والثقافة، لا سيما أن هناك من يتسرع ويدعي أن الأول غير مرتبط بالثاني، لا من قريب، ولا من بعيد. ولو تمهل قليلاً لوجد أنهما يشتركان في كثيرٍ من العوامل المهمة والقواسم المشتركة. المتخصصون لديهم في جعبتهم أكثر من أربعمئة وخمسين تعريفا لمفهوم الثقافة؛ مما يجعل الوصول إلى واحد منها أمرا صعبا ومحيرا.. ومع هذا سيجد المهتمون اتفاقاً تاماً على أن مفهوم الثقافة يتسع ليشمل جميع ما يحيط بالإنسان؛ فحيثما كان هناك إنسان، كانت هناك ثقافة. وعبثاً يحاول من يريد منع الأفراد أو الجماعات من تذوق الأطعمة والنكهات المختلفة من مائدة الثقافة المركبة من مختلف المعارف الإنسانية، والفنون الجميلة، والأخلاق، والقوانين، والعادات، والممارسات وغير ذلك {ولكلٍ وجهةٌ هو موليها..} فمفهوم الثقافة مفهوم فضفاض، ويمكن لنا أن نسقطه بكل ارتياح على جميع ما نراه هنا أو هناك من أنماط مختلفة للسلوك، والقيم، بل والوعي لدى جميع الناس. وختاماً.. يمكن أن أجزم بأن مفهوم الثقافة مفهومٌ بلا قيود، وبلا جمود، وبلا تحجر، وأنه مفهومٌ مرتبط بالعالم وبكل ما يجري فيه من تطورات وأحداث. كما يمكن أن أؤكد أن المزايدة على الدين أمرٌ مرفوض، وخطٌ أحمر. مقرٌّ بأن الدين ليس بالشيء المجرد الذي يصح أو يمكن أن ننحيه جانباً، كما قد يُظن، وأن محاولات الوصول إلى تعريف مقنع للدين بمعناه العام لا الخاص غالباً ما تكون متعسرة. مصرٌ في ذات الوقت على أن الدين يمثل جزءا من النشاط الثقافي الإنساني، وأن من أراد أن يكون متديناً عليه أن يحسن إلى نفسه وإلى من حوله، كما أحسن خالقه جل جلاله إليه {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة، ولا تنس نصيبك من الدنيا، وأحسن كما أحسن الله إليك، ولا تتبع الفساد في الأرض، إن الله لا يحب المفسدين} ويحافظ على أوامره، ويترك نواهيه.. وأن من أراد أن يكون مثقفاً عليه أن يقرأ ثم يقرأ ثم يقرأ.