اطلعت الأسبوع الماضي مع عدد من الزملاء على تفاصيل مشروع وزارة العمل الجديد، في معالجة البطالة والسعودة، من خلال مشروع «نطاقات» الذي عرضه الوزير المهندس عادل فقيه، بشكل مدروس ومتماسك، لإيجاد وتوفير فرص العمل للشباب السعودي، ومحاصرة آفة البطالة المستشرية. ومع أهمية المشروع، الذي يشكل نواة رئيسة، لاستراتيجية ذكية ومتماسكة للسعودة والإحلال والتوطين، بدأ القطاع الخاص مبكرا التبرم من المشروع الجديد، بحجة الإخلال بسوق العمل، أو دخول الشركات في تنافس على استقطاب العمالة المتواجدة في السوق المحلي. أعتقد أن ما عرضه وزير العمل عبر برنامج نطاقات، وتقديم سلة من الحوافز للقطاع الخاص، مع فرض عقوبة ناعمة للرافضين لسياسة السعودة والإحلال؛ يشكل بداية جيدة يمكن البناء عليها والانطلاق منها، وهو طرح أعاد من خلاله الوزير الاعتبار لمبدأ الثواب والعقاب بالمعنى الوطني. فليس من المقبول أن يترك الحبل على الغارب للقطاع الخاص، في ملف حساس وحيوي يمس الأمن الاجتماعي السعودي، وأن تتجاوز نسبة البطالة في المملكة حاجز النصف مليون عاطل وعاطلة عن العمل، في ظل وجود قرابة 7 ملايين عامل أجنبي، وهو الأمر الذي أشار له وزير العمل عند عرضه للخطة الجديدة، والتي تعكس فكرا جديدا في سياسات الإحلال والتوطين، تعتمد القوة الناعمة بالمعنى الاقتصادي، من خلال حزمة الحوافز المقدمة للقطاع الخاص. ما يميز الخطة الجديدة؛ أن مهندسها جاء من القطاع الخاص، ما يعني أنه يدرك مميزاتها، وإمكانية تطبيقها فعليا على الشركات والمؤسسات؛ بمعنى أنها ليست خططا فوقية، أو حكومية، يتذرع القطاع الخاص بعدم واقعيتها، أو تأثيراتها السلبية على النشاط الاقتصادي السعودي. برنامج نطاقات بحاجة إلى دعم القطاع الخاص، ومساندة المجتمع، وإعطائه الفرصة للنجاح، حتى لا يتعثر بسبب جماعات الضغط في القطاع الخاص، أو إحداث اختراقات في البرنامج، تفقده قيمته، ويكون مصيره مشابها لسياسات السعودة التي فشلت في «الليموزين» و«محلات الذهب» و«تأنيث المحلات النسائية» وغيرها. فالعمل حق أساسي للمواطن السعودي، بصرف النظر عن مخرجات التعليم، أو واقع التشريعات العمالية، أو الاختلالات الحادثة في سوق العمل، وهو استحقاق وطني لازم، لضمان النمو والازدهار وتحقيق الأمن الاجتماعي، بل الأمن الوطني بمعناه الشامل. لذلك لإنجاح هذا المشروع لا بد من تطبيقه بصرامه ودقة كبيرتين، وإشراك المجتمع بكافة مؤسساته المختلفة، في دعم هذا الملف الوطني، إذ لا بديل آخر، عدا مزيدا من البطالة، وبالتالي مزيدا من الفقر والتخلف الاجتماعي.