محمد الرطيان - المدينة السعودية صباحكم : ياسمين يُوزع موسيقى رائحته في زوايا البيوت الدمشقيّة . صباحكم : حريّة ! (1) لم يفاجئني التصريح القمعي الذي أطلقه الفنان المسرحي دريد لحام والذي انحاز فيه للغة دبابة السلطة ضد لغة اللافتات الحرة التي يحملها مواطنوه العُزل . عند الأزمات تنفجر البالونات الفارغة / الممتلئة بالهواء .. الفاسد ! وبالون ( غوار الطوشة ) انفجر .. هذا كل ما في الأمر ! وعلى العموم : المثقفون العرب – على كافة أشكالهم الثقافية – هم في الغالب ، منذ ما قبل المتنبي وإلى يومنا هذا ، يدورون حول سور القصر بحثاً عن فتات المائدة السلطانية ، ولعل الحظ يحالف أحدهم ، فينادي الخليفة حاجبه : يا غُلام .. أعطوه ألف دينار ، وجارية ، وهاتف آي فون ! لا ينجو من هذا النموذج سوى القلة . (2) الحكومات العربية تُجيد صناعة البالونات الملونة وإطلاقها في الفضاء : مرة ل « جس النبض « .. ومرة ل « كتم النفس « ! ومرة لصنع كذبة ما بشكل بارع . ومرات عديدة لصناعة هامش ما من الصراخ (وبمزاجها ) وبالتوقيت الذي يعجبها . وكنت ، وما زلت أؤمن أن هنالك الكثير من البالونات الثقافية التي نحبها – ونصدقها أحيانا ً – تُطيّرها الحكومات في كافة الفضاءات وعبر كافة الأشكال الفنية والإبداعية .. فهذا بالون تلفزيوني ، وآخر بالون صحفي ، وثالث بالون مسرحي .. ولكي لا ينفجر بالون المواطن من الغيظ والقهر .. يتم « التنسيم « له عبر التنسيم لهذه البالونات الملونة ! و( أبو الغور ) السيد دريد لحام ، الشهير ب « غوار الطوشة « الذي أضحكنا وأبكانا – على حالنا – عبر مسرحه ، الذي أحببناه وهو يأتي بكامل بهائه برفقة العظيم محمد الماغوط ، الذي غنينا معه للحرية وكرهنا برفقته المستبد وسخرنا منه ، أبو الغور الذي حفر المسرح بخبطة قدمه وهو يغني ( خبطة قدمكن ع الأرض هدارة ) ... أبو الغور انفجر !.. في آخر فصل من المسرحية ، وفي آخر مشهد : انفجر البالون ! يا أبو الغور إن لم تستطع أن تقول الحقيقة ، أو تنحاز إليها ، فلماذا لم تصمت ؟! (3) يا أبو الغور .. القشة التي قصمت ظهر ( البعير ) ستقصم ظهر ( الأسد) ! المسألة .. مسألة وقت .. أما أنت فتحمّل لعنات التاريخ ، من الناس الذين اكتشفوا أنك لست سوى « كذبة « صغيرة .. ونفس الأنظمة التي صنعت المقص الذي يبتر الكلمات الحرة هي التي سمحت لكلماتك بالعبور ، وهي التي صنعت لك خشبة المسرح لكي يخدرنا الهلس الذي كنت تقدمه بمهارة منذ أربعة عقود . (4) ( يا كثر النفافيخ اللي تبي تطق ب 2011م ) ! ولا نملك في هذه اللحظة التاريخية ، التي تعصف بأمتنا العظيمة ، إلا أن نردد مع زكية زكريا : « هات البلالين يا نجاتي « !!