استخدامات الفيس بوك في العالم العربي اليوم في الغالب لا يعدو عن كونه نمطا متطورا من أنماط التعبير في العالم العربي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع الرقابة، وبالتالي كان الفيس بوك وسيلة للتطرق للكثير من المواضيع التي كانوا لا يستطيعون البوح بها، وهذا يقود إلى نتيجة هامة أن الفيس بوك إلى الآن لم يستخدم بشكل واسع كأداة إصلاح وربما يستخدم في المستقبل بشكل أكثر وضوحا، وبالتالي يمكن الاعتماد على محتوى الفيس بوك اليوم من أخبار ورأي ونقاشات ليكون مؤشرا للحكومات العربية لتتمكن من تلمس ماذا يريد المواطن؟ تطلعاته، وآماله، خيباته، وانكساراته، لتكون لدى الحكومات فرصة سانحة لتلمس مواطن الخلل في التنمية والحياة الاجتماعية عموما، وعلى إثرها تقوم الحكومات بمزيد من الإصلاحات لتطوير واقع العالم العربي. إن انتشار مواقع التواصل الاجتماعي كالفيس بوك وتويتر يعني أن حدود الرقابة التقليدية انتهت والحدود على حرية الكلم لم تعد ذات جدوى وهوس الرقابة لن يقود إلى نتائج مرضية، وهذا يقود إلى التفكير بجدية في سمات جيل ما بعد الفيس بوك هل سيكون التواصل عبر برامجيات أكثر تطورا تسهل نشر الأفكار وتحليلها حول العالم في لحظات؟ علينا التفكير بجدية في سمات ذلك الجيل والتقنيات المصاحبة خصوصا وحجم التأثير في التنمية والبنى الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي ستقودها مثل هذه الطرق المتطورة عالية وبعض الدول كالسعودية يتجاوز عدد مستخدمي الفيس بوك يفوق الثلاثة ملايين والأرقام مرشحة للارتفاع. إن المفاجآت التي قادتها وسائل التواصل الاجتماعي تتطلب تغيرات هيكلية في بنية التعليم العام والعالي من زرع وعي ورقابة ذاتية إلى استحداث تخصصات دقيقة في مجالات الاتصالات وعلوم الحاسب والمستقبليات وتنشيط فعلي لمراكز الأبحاث لتقوم بدورها الحقيقي في استشراف المستقبل وتلمس مواطن الريادة والابتكار لا إعادة تفريغ محتوى جامعات الشرق والغرب في جامعاتنا الوطنية وتستمر بهذه الدائرة التي لا تقود إلا إلى إهدار المزيد من الوقت والموارد والمزيد من المفاجآت. إن صناعة الجيل القادر على صناعة المستقبل يجب أن تكون الأولوية الأولى لمؤسسات التعليم حتى ولو اضطررنا إلى تكوين مجالس استشارية عالمية في جامعاتنا الوطنية في سبيل تمحيص محتوى المقررات التعليمية ومحتوى البحوث الأكاديمية وتقييم بيئة التعليم لتلمس مواطن القصور والانطلاق إلى المستقبل، خصوصا وأن خلل التعليم ليس خللا محصورا بمؤسسات التعليم وإنما خلل شامل يرتبط بالمجتمع، وبالتالي فعلينا الإسراع في إصلاح مؤسسات التعليم لضخ المزيد من العقول المبدعة المبتكرة القادرة على صناعة التغيرات المستقبلية في المملكة وحول العالم فالرهان على خلاف العقول المبدعة سيراكم من خسائرنا عبر العقود القادمة خصوصا وأن إمكانيات الريادة متوافرة، تبقى التنفيذ.