محمد بن سليمان الأحيدب - عكاظ السعودية أحترم كل وجهات النظر التي ترد في التعليقات في موقع عكاظ الإلكتروني أو عبر البريد الإلكتروني أو رسائل الجوال على ما أكتب بصرف النظر عن كونها معارضة أو مؤيدة أو حتى هجومية على شخصي، فنحن كتاب الرأي يفترض فينا أن نكون أول وأشد من يحترم الرأي الآخر المعارض والمؤيد، كما أن علينا أن نفترض حسن النية في التعليق وسلامة مصدره حتى وإن كان غريبا أو مكررا بشكل مريب أو يشتمل على مغالطة واضحة لأساس الفكرة يصعب أن تنجم عن سوء فهم، لكن علينا أن نفترض أنه سوء فهم بنية حسنة ونعيد إيضاحه على الأقل حتى لا يتأثر به بعض القراء، وألا نترك فرصة لاحتمال تعمد المغالطة من الجهة المقصودة. عندما كتبت في مقال يوم الأربعاء الماضي تحت عنوان (أطالب «الجزيرة» بإعادة لقاءات القذافي) تأكيدا على أن قناة الجزيرة هي من جرأ القذافي على تصديقه لنفسه بأنه زعيم ومفكر وحكيم وشجعه على ما وصل إليه من عدوانية وكبرياء وغطرسة على الدول الأخرى وعلى شعبه، لم أتطرق قط إلى أن قناة الجزيرة هي من صنع معمر القذافي ومع ذلك ركزت بعض التعليقات على حجة دفاع واحدة هي أن معمر القذافي عمره في السلطة أكثر من 40 سنة، وأن قناة (الجزيرة) لم تكن قد وجدت بعد عند توليه السلطة كون عمرها حوالى العشر سنوات، وتكررت هذه الحجة بشكل مريب وكأنه من عدة أشخاص مع أن مثل سوء الفهم هذا لا يمكن أن يحدث من أكثر من شخص أو اثنين. لم أقل مطلقاً إن (الجزيرة) صنعت معمر القذافي إنما ركزت على أن قناة الجزيرة، التي أصبح العداء بينها وبين القذافي متبادلا بعد بدء ثورة الشعب في ليبيا، هي القناة ذاتها التي دأبت على إجراء الحوارات مع معمر القذافي باللغتين العربية والإنجليزية وفي أكثر من برنامج ومع أكثر من محاور بشكل متكرر ومكثف وأطلقت له العنان دون مقاطعة ولا معارضة ولا حتى طرح أسئلة مفروغ منها مهنيا، ويستدعيها سياق الحوار، لإحراج القذافي وفضح تناقضاته وتخبطاته وعلى أقل تقدير التساؤل حول الغرائب المتعددة التي يطرحها ولا يقبلها العقل والمنطق. إن المختلف كليا لا يعترف بأنه مختلف كليا، لكنه حينما يرى أنه يمنح أطول ساعات الحوار في قناة مثل (الجزيرة) يجزم أنه على حق وأنه بلغ مبلغ العظماء والمفكرين، خصوصا أن المحاور لا يعارض طرحه ولا يبدي استغرابه!. صحيح أن عددا من القنوات العالمية تحاور غرباء الأطوار لكنها تعترض عليهم وتعريهم وتبين لهم وللعامة أنهم غير طبيعيين وهو ما لم تفعله قناة الجزيرة، وهذا سلوك لا يمت للمهنية والاحترافية بصلة، وما زلت أجزم أن لقتاة الجزيرة دورا في كارثة قتل أكثر من 2000 مواطن ليبي ولعل عتاب القذافي للجزيرة أبلغ دليل.