محمد الرطيان - المدينة السعودية كتبت إحدى القارئات الكريمات – في موقع الصحيفة – تعليقا ً مشاكسا ًعلى إحدى مقالاتي في الأسبوع الماضي : ( لسانك يحكك ! ) وكاد أن يتحوّل هذا التعليق إلى نبوءة .. فقد صحوت صباح هذا اليوم وهناك ثقل بلساني وألم خفيف تصاحبه حكة ... كانت هناك « نفره « على طرف لساني . طبعا ً .. سيأتي قارئ زهقان / قرفان / ممتعض .. ويصرخ بوجهي : يعني خلّصت القضايا في البلد حتى تكتب عن « نفره « على طرف لسانك ؟! .. اكتب عن الفقر .. البطالة .. هموم الهامش وأهل الهامش .. الثروة .. الفساد .. أحلام المستقبل .. أحلام مستغانمي !.. اكتب عن الزفت .. اكتب عن أي شيء ! سأقول له وبهدوء : لاااااء يا حبيبي ! .. هذه « النفره « أهم .. فأنا طوال اليوم – وبسببها – أنطق كلمة ( حرية ) بهذا الشكل : ( حليّة ) ! ... إن لم تستطع أن تنطق كلمة ( حريّة ) بشكل سليم .. فتأكد أنك لا تستطيع أن تناقش أمر « المطب « الموجود في الشارع أمام منزلك . ذهبت إلى صديق يدّعي الحكمة ، وهو في الحقيقة ضاربة فيوزه منذ أزمة الخليج الثانية ، شكوت له أمري ، وقال : هذه مؤامرة من الأخ العقيد معمر القذافي حتى تنطق كلمة (الثورة ) بهذا الشكل الذي يغيّر معناها (الثولة ) ! انتبهت بعد هذه الملاحظة أنني لا أنطق حرف ( الراء) بشكل جيّد .. ولكن هذا ليس عيبا ً عندما أتذكر طلال مداح وحسن نصر الله .. لديهما لثغة بإمكانها تحويل الراء من حرف أبجدي إلى شوكولاته فاخرة ولذيذة ! عند صلاة العصر شكوت أمري وأمر « النفره « إلى إمام مسجدنا .. قال لي : اسمع يا ابن أخي .. هذه عقوبة !.. أجل تكتب عن ( الولاء والانتماء ) ولا تكتب عن ( الولاء والبراء ) ؟!.. وبعدين وش تبي بإعلامنا عم الله بنفعه البي بي سي والسي إن إن ؟! طوال اليوم وأنا أتحسس هذه « النفره « بشيء من الانزعاج .. أشعر كأنها شرطي يقف على طرف فمي ليفتش كل الكلمات العابرة ! في آخر الليل .. اتصلت على صديقي العظيم أبو فرح الزهراني الشهير ب « منصور عثمان « .. شرحت له الأمر ، وسألته عن الحل .. قال لي : أنت الآن أمام خيارين .. إما أن تحافظ على لسانك .. أو تحافظ على « النفره « !!