فرضت لثغة لسان على بعض الفتيات، انعزالهن عن حياة المجتمع، وتفضيلهن حياة الوحدة، بدلا من التعرض لإحراجات لا يمكن قبولها نفسيا. واضطر العديد منهن إلى الهروب من الواقع الاجتماعي، رغم رغبتهن في الاندماج في المجتمع، لكنهن مجبرات على الاستسلام لهذا الواقع. هند فتاة في ال 23 من عمرها طالبة في كلية الاقتصاد والإدارة، عانت كثيرا مع مخارج الأحرف بعد تعرضها ذات يوم لحادث مفاجئ تسبب في كسر في أسنانها الأمامية، ما جعلها تعاني كثيرا في نطق حرف السين وتحويل مساره من السين إلى الثاء، مثل سامي الذي تنطقه ثامي، ما يجعلها في إحراج أمام زميلاتها، بل في بعض الأحيان تصطدم بأن يسألها بعضهن من باب السخرية على سبيل المثال: من ذا ثامي؟ ما يجعلنها في كثير من الأحيان تتردد كثيرا في نطق بعض الجمل وتعيد حساباتها لتجنب الانزلاق في كلمات تحمل الحرف المعيوب في لسانها. وتعترف أن اللثغة أجبرتها على العزلة: «أحرص كثيرا على أن أكون إنسانة أكثر جدية، عكس ما كنت فيه قبل الإصابة، وقليلا ما أبتسم مع بعضهن، حتى لا أفتح مجالا للأخريات، في التعليق والاستمتاع بكلماتي». لكن جميلة «فتاة ال 19» رأت أن العزلة عن الآخرين الحل الأمثل حتى تسلم من تلك التعليقات التي دائما ما تضعها في موقف محرج: «منذ بدأت الكلام وتفهم الأمور أعاني إعاقة نطق حرف الراء، فعلى سبيل المثال عندما أنطق كلمة عرعر لا إراديا، أنطقها عقعق، بل في يوم من الأيام وفي إحدى الحصص الدراسية مررت إجباريا على كلمة عرعر، ما جعل معلمتي تطلب مني التوقف وتقول لي: إذا نطقت كلمة مرور عرعر، كما هو متعارف عليه أمنحك درجات كاملة، ما أحرجني كثيرا عندما شاهدت زميلاتي يضحكن كثيرا، وبرغم حديث معلمتي أمامهن بأنني الطالبة المحببة لديها، إلا أن مثل تلك الأمور تضايقني كثيرا وتجعلني في مواقف لا أحسد عليها». وتعد العزلة أفضل لها في هذا الجانب: «بطبعي طيبة ولا أحب إحراج الآخرين، وحتى أريح نفسي من تلك المواقف أصبحت قليلا ما أجتمع وأحضر المناسبات وأكتفي بالصديقات المقربات». من جانب آخر، رفضت الاختصاصية الاجتماعية سميرة أبوعزيز حالة العزلة التي تعيشها المصابات بلثغة لسان: «العزلة ليست حلا، بل يجب عليهن المواجهة والحديث بثقة كبيرة، وتذكر أن هناك شخصيات سياسية واجتماعية لها مكانتها في المجتمع تعاني مثل تلك الإعاقة التي لم تمنعهم من مواجهة المجتمع، وبسط نفوذهم».