أخيراً استجاب الرئيس المصري حسني مبارك لرغبة الجماهير المصرية، وأعلن التنحي عن رئاسة الجمهورية، بعد أن ورَّطه المنتفعون من السياسة وحولوا مهنة الخدمة العامة إلى تكسب من خلال نهب ثروات البلاد، فاختلط المال بالسياسة خالقين أكبر فساد شهدته الدول النامية، فالأرقام تظهر مليارات الدولارات نُهبت من ثروة الشعب المصري الذي وصل أكثر من نصفه إلى حافة الفقر. ولم تسعف مبارك المبادرات ولا خطبه ولا حتى التفاف الجيش حوله، فكل المبادرات جاءت متأخرة جداً، ولم تنفع خطبه، وتاريخه في خدمة الدولة المصرية كأحد أبطال أكتوبر، فقد كان بطيئاً، وبطيئاً جداً في معرفة نبض الشعب الذي صبر كثيراً، وظُلم كثيراً فجاءت الثورة عارمة لتقذف بكل المتربحين في الدولة خارجها، وسوف يكون لتداعي رحيل مبارك آثار إيجابية وسلبية في نفس الوقت، فإن أحسن الجيش ومن تبقى من سياسيين نظاف العمل وإدارة الأزمة بروح إنقاذ وحماية مصر تكون قد تجاوزت مصر الأزمة وخلقت واقعا جميلا وجديدا للشعب المصري وللمنطقة، أما إذا انشغل الحكام الجدد بالانتقام والسير وفق أجندات الخارج تكون الطامة الكبرى قد وقعت وخربت مصر والمنطقة. فالذي حصل يمكن أن يكون درساً جيداً للحكام والشعوب، أو يكون العكس إذا ما استطاع انتهازيو السلطة تسلقها.