في مشهد مهيب طغت عليه ألوان العلم المصري ألقى رئيس اتحاد علماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي خطبة الجمعة أمس بحضور آلاف المصريين الذين توافدوا منذ ساعات الفجر الأولى على ميدان التحرير. وجاءت المسيرة التي دعت إليها القوى الوطنية والسياسية على رأسها مجلس أمناء ثورة يناير، للاحتفال بالنصر والتأكيد على المطالب الشعبية التي لم تتحقق حتى الآن وعلى رأسها إلغاء قانون الطوارئ وتشكيل حكومة جديدة انتقالية والإفراج عن المعتقلين السياسيين. وهنأ القرضاوي الشعب المصري بنجاح ثورة يناير وبارك شبابها الذين أشعلوها، داعيا الشعب المصري بجميع فئاته للمشاركة في إعادة بناء البلاد من جديد وألا يدخروا جهدا لتحقيق الرخاء والرفاهية لمصر من أجل أبنائها ومن أجل الأجيال القادمة ولصنع مستقبل أفضل للبلاد. وقال إن الثورة لم تنته بل بدأت. كما حذر القرضاوي ممن أسماهم ب"المنافقين" على إنجازات الثورة التي تحققت والتي لم تتحقق، طالبا من الشعب أن يأخذ حذره وأن يقطع الطريق على أولئك حتى تتطهر منهم البلاد. وقال إن النظام السابق ساعد أعداء البلاد سواء في الداخل أو في الخارج على إفساد الوطن ونهبه وسرقة ثرواته. وأضاف أن الشعب المصري على مدار التاريخ وقف أمام الظلم والطغيان. وشدد القرضاوي على ضرورة التمسك بالوحدة الوطنية، مؤكدا على وحدة الأمة بين عنصريها المسلمين والمسيحيين وأنه لا مجال للفتنة الطائفية في مصر، قائلا إن الأيام الماضية أثبتت ذلك ووقف المسلم مع المسيحي ليدافعا عن البلاد. ولم يفت القرضاوي تحية الجيش المصري ووقوفه إلى جانب الشعب في أزمته ودفاعه عن حقوقه، مضيفا أن جيش مصر كان لا يمكن أن يخون ثقة الشعب من أجل شخص أو نظام. ورحب بتصريحات وبيانات المجلس الأعلى للقوات المسلحة بقوله "لا بديل عن الشرعية التي يرتضيها الشعب"، ولكنه في الوقت نفسه طالب الجيش بالإفراج عن المعتقلين السياسيين. كما أثنى على لجنة صياغة الدستور وعلى رئيسها طارق البشرى. أما بخصوص الاحتجاجات الفئوية التي اندلعت في الفترة الأخيرة فحذر الشيخ القرضاوي من تأثيراتها السلبية على الثورة. وطلب من المحتجين التحلي بالصبر قليلا حتى تلبى مطالبهم وطمأنهم على حقوقهم قائلا "إن هذه مرحلة جديدة مرحلة ظهر فيها الحق وانتصر على الباطل". وختم خطبته بكلمة وجهها إلى الأنظمة العربية طالبهم بالإنصات إلى شعوبهم واحترام عقولهم. وكانت آخر دعوات القرضاوي تحرير المسجد الأقصى. ثم بدأت الاحتفالات بترديد الهتافات المطالبة بتغيير الحكومة الحالية وتشكيل حكومة انتقالية لحين الانتهاء من الانتخابات الرئاسية والتشريعية وهتافات تحيي أرواح الشهداء. ثم توالى صعود المطربين على المسرح للتغني للثورة وشبابها. وتم تجهيز مسرح بالميدان على مساحة 40 مترا مربعا وشاركت في الاحتفال الفرقة الموسيقية التابعة للشرطة العسكرية. وحثت جماعة الإخوان المسلمين المصريين على حماية الثورة ممن يحاولون إخراجها عن مسارها تحقيقا لمصالحهم الشخصية. وقال محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين "إن الثورة بدأت تؤتي أكلها وإن على المصريين ألا يتركوا فرصة لمنتفع أن يلتف عليها وعلى إنجازاتها". ومن جهته قال سيد ناصر محمد (50 عاما) احد المحتشدين في الميدان "إنه يوم احتفال، نحن سعداء، مبارك رحل، أظن أننا سنأتي كل أسبوع". ورغم هذه الأجواء الاحتفالية السائدة، أبقى الجيش على انتشار دباباته في محيط الميدان وعمد الجنود إلى التدقيق في هويات المتوافدين إليه بالتعاون مع اللجان الشعبية. وقال محمد واكد، أحد منظمي التظاهرة، إن هذه التظاهرة ترمي إلى "تكريم الشهداء" وانتظار العدالة. وأضاف "إذا لم يجر الإفراج عن الذين اعتقلوا خلال التظاهرات، ناهيك عن المعتقلين السياسيين قبل ذلك، فإن هذا الأمر سينطوي على إشارة سيئة، ويظهر أن الجيش ليس صادقا في الإصلاحات السياسية". وفي المقابل تظاهر نحو عشرة آلاف شخص في شارع جامعة الدول العربية في حي المهندسين بالقاهرة في إطار ما أسموه "جمعة الوفاء" للرئيس السابق حسني مبارك. ورفع المتظاهرون صورا للرئيس السابق ولافتات تطالب بتكريمه وتعتذر له عن طريقة خروجه من الحكم".