علي سعد الموسى - الوطن السعودية ربما انفردت – العربية – كلغة بكثرة رسمها – للجمهورية – جوار أسماء بلدانها المختلفة، ولكن ماذا أعطتنا هذه الجمهوريات غير حروف اللغة؟ لم يلتزم السواد الأغلب الأعم من حكام الأنظمة الجمهورية العربية بشرط المصطلح الأساسي ولا توجد في العواصم الجماهيرية العربية عناوين لمصطلح الرئيس السابق باستثناء أقل من نصف أصابع اليد الواحدة. مستحيل أن تجد فيها عنوان (الرئيس الأسبق). لم تجرب هذه الجمهوريات لذة أن تكون رئيساً سابقاً وربما لم يدرك أحد من هؤلاء المتعاقبين عظمة المصطلح ولم يشعروا أنه يعطي سلطة أعظم من حقيقة السلطة الفعلية. يذهب جورج بوش الأب كل صباح مع السيدة الأولى (الأسبق) إلى مقهى مجاور في ولاية – مين – وتحول المقهى مع الزمن إلى مزار أسطوري وماركة مسجلة. يبيع بوش الابن مذكراته السياسية في كتابه الأخير كأكبر كتاب على لائحة البيع السياسي وظل لأكثر من شهر يتنقل بين جامعات ولاية تكساس ليوقع كتابه لآلاف الشباب وهو يشعر بالزهو لأول مرة ولم يشعر بمثله حين كان في المكتب البيضاوي. ذهب الشهر الماضي لجامعة تورنتو ليكسر الطوق عن صمته السياسي الذي استمر لعامين. عاد كارتر مع زوجته إلى قرية صغيرة في مسقط رأسه بجورجيا حيث حولها إلى بازار إعلامي مستمتعاً بأنه الرئيس – الأسبق – الأقل في التاريخ السياسي الأميركي من حيث الحراسات الأمنية. رغم الخرف وتباشير – الزهايمر – مازالت مارجريت تاتشر امرأة العالم الأولى في العصر الحديث. يعيش توني بلير في شقة فاخرة في المايفير اللندني وللمفارقة، يصر أن يتناوب مع زوجته طقوس الصباح: هي مسؤولة عن ترتيب غرفة النوم وهو يعد القهوة لشخصين. يناهز مانديلا منتصف التسعينات ويفتخر بأنه أول زعيم أسود ينصب له تمثال في حي – وستمنستر – اللندني أمام مبنى العموم البريطاني. كل هؤلاء جربوا انتصار السلطة ثم يبدؤون بعدها نشوة السلطة الحقيقية: أن تعيش بطلاً بين الملايين. حين يتركون السلطة يذهبون للمحاضرات والندوات والشوارع والجامعات والمقاهي والتأليف. يعيشون الفصل الجميل من الحياة. يشاهدون تجاربهم أحياء من عُلو شاهق وهذا ما لم يفعله عربي حتى اللحظة.