لفت انتباهي زيارة مجموعة من رجال الأعمال لمنطقة القصيم, وهم نخبة من رجال الأعمال من الغرف التجارية بالمملكة أو بمعنى أدق "مجلس الغرف التجارية" وكان من ضمن الجولة لرجال الأعمال أنهم قد شاهدوا ما تقوم به النساء من صنع بعض المنتجات أو المواد الغذائية مثل "الكليجا" أو "سفرة من خوص النخل" وغيرها من المنتجات البسيطة وزهيدة الثمن, وحين تفكر أين يمكن أن تبيع هذه المنتجات, فإنه إما من خلال المنزل أو على رصيف شارع بإحدى المدن السعودية. حين نفتش عن المهن والحرف التي تقوم بها المرأة لدينا, فإننا أول ما نصطدم به أنها لا تجد المكان لممارسة عملها التجاري أو الحرفي, وأصبحت المرأة لدينا "محصورة" و "محجوراً" عليها العمل بمنزلها، وهؤلاء النساء لا يبحثن عن تجارة وبناء أبراج تجارية أو غيره, فطموحها كفاف العيش وسد حاجتها وعوزها, وهذا ما يعاني منه كثير من نساء بلدي, إنها لا تستطيع أن تمارس عملها التجاري بمعناه الواسع, ناهيك عن أعمال ومهن وحرف بسيطة كما هي صناعة "الكليجا أو بعض المنتجات الغذائية" وهي تمارس كل عمل ممكن فهي بمعنى أدق "فقيرة" و "محتاجة للمال" وليس كل مرأة موظفة حكومية أو تستطيع أن تعمل, فكم مواطنة سعودية بلا عمل لدينا؟ لا أحد يفتح هذا الملف, بل ملف "التشدد" بعدم عملها أو الأساس أصبح, حتى امتلأت بلادنا من القادمين والوافدين المقيمين سواء الشرعي أو غير الشرعي, فكم مقيم أجنبي غير شرعي يعمل لدينا. إنهم بمئات الآلاف وهم ليسوا أبناء الوطن, ولكن أبناء هذا الوطن لا يجدون العمل لسبب أن الأنظمة والقوانين لا تحمي فرص العمل لديهم، فهل نظرنا للورش ومن يعمل بها؟ كل قطاع البناء والتشييد؟ الفنادق؟ سيارات النقل "الليموزين" الشركات والمؤسسات, كم هائل من الوظائف والعمل للجنسين موجودة, ولكن نجد المرأة خصوصا تتحول إلى أن تصنع وتعمل "كليجا أو بيز" (والبيز لمن لا يعرفه هو مجموعة أقمشة غير مستخدمة يصنع منها قطعة قماش صغيرة لمسك كل ما هو ساخن كالقهوة أو غيرها" فهل هذا يستوي ويقبل به, أن تعمل المرأة بهذه المهن التي لا توفر كافي قوتها, ولا أعيب هذا العمل, فهل سنحول كل نسائنا إلى بائعات لهذه السلع والحرف التي أصبحت من التراث والتاريخ, مؤلم ما يحدث لنسائنا, وخاصة الآن نجد جامعيات وصاحبات شهادات عليا بلا عمل, ولا حول ولا قوة لها إلا بوظفية حكومية أو نطاق ضيق في القطاع الخاص, إن الدولة ممثلة بوزارة العمل يقع عليها عبء هذا الهم الكبير من "بطالة" النساء ليس فقط المتعلمات أو نصف متعلمات بل المطلوب فتح فرص العمل الحقيقية لهن, فلماذا نصر على عدم عمل المرأة, ونحن نشاهد المرأة السعودية بالشارع تتسول أو تطرق الأبواب تحتاج المال ولا أحد يعترض ويقول إنها مشكلة؟ أو تطرح كقضية رأي عام, في حين نحول عمل المرأة وكفافها وحاجتها إلى قضية رأي عام؟ أي أن نقبلها فقيرة معدمة وتتسول لا مشكلة ولا معاناة, ولكن أن تستغل بزواج "نهاري ومسيار وغيره من المسميات" لا مشكلة, فهل هذا هو حق المرأة وحقوقها؟ الرجل دائما ضد استقلال المرأة المالي لأنها تعني فك قيودها منه وتحررها المالي, ولكننا نصر على المرأة الفقيرة تتسول على المرأة كاملة الحقوق, فمن يقبل بهذا الميزان غير العادل؟!