اتصلت بي أم بدر بطلب منها، اتصلت بها , من تكون أم بدر ؟ سيدة كبيرة في السن وترى أولاد أولادها الآن, أين تعمل وكيف تعيش ؟ إنها بأسواق طيبة بالرياض كما تقول، تعمل , ماذا تعمل ؟ إنها « تبسط على الأرض , مع مجموعة سيدات , وتقول أم بدر « بألم شديد « كل من يعمل بهذا العمل من السيدات لهن ظروف « لا أريد ذكرها احتراماً لهن « ولا تغيب عن حصافة القارئ العزيز , فهن لديهن حاجة للحياة والصرف والمال, فليس لها من يكفلها أو يصرف عليها , فهي بأشد وأمس الحاجة للمال لكي تسد رمقها ومن تعولهم , تعمل « ببسطات « على الأرض , فوقها الشمس والهواء والرياح والغبار شتاء وصيفا , تعمل بسوق شبه شعبي فهي لا يمكن أن تقترب من المولات التي ليس لديها ثقافة البيع على الأرض , ولكن هذه النساء « السعوديات « المواطنات يعلمن « الحاجة « بالبيع والشراء على الأرض , ولا تسأل عن مضايقات البلدية ومصاعب العمل لديهن ويكفي أنهن غير معترف بهن كعاملات , فلا مكان ولا قانون أو تنظيم يحميهن , تقول أم بدر رغم كل هذه المصاعب نكافح ونجاهد لكسب قوتنا، فهي لا تريد ثروة، هي تريد سد حاجة وكفاف لها , تقول نجد « الأجنبي « لديه محل تجاري ونحارب بالأسعار ومضايقات لا حصر لها , وقد حددت لي الجنسية بعينها، وأنهم يحاربون هذه النساء بعملهن وقوت يومهن أشد الحروب , ولا شيء يحميهن في ممارستهن العمل فلا مكان لهن , فالأولوية الآن هي « للمقيم « الأجنبي فهو لديه محل تجاري وتكييف وأبواب تحمي بضائعه، ورخصة محل ولوحة تجارية وكل متطلبات العمل التجاري , و» بنت « الوطن والبلد أمامه على الأرض وتحت الشمس ولا شيء يحميها من أي شيء , فقد تأتي لحظة تأتي فيها البلدية وتحمل كل ممتلكاتها بسبب المخالفة وتصادرها وتصبح مفلسة تماما , فأين تذهب أم بدر ومن معها ؟ الآن صدرت فتوى « تحرم « عمل المرأة « ككاشيرة « وقد يقول قائل لا نجادل ولا نحاور في هذه الفتوى ككل مرة , وسنحترمها برفض عمل « كاشيرة « لكن هل هذا توجه كامل بمنع وتحريم عمل المرأة لدينا ؟ فماذا إذا عملت بمحل تجاري أي تكون مالكة للمحل التجاري , ماذا إذا كانت بائعة , ماذا إذا كانت تملك تجارة خاصة , هل نفهم من هذه الفتوى منع وتحريم كل عمل تجاري للمرأة ؟ هل هذا سيكون مقبولاً ومنطقياً ؟ هل سنقبل المرأة لدينا أن لا تعمل نهائيا ونقبلها كما تعمل « أم بدر « ببسطات « على الأرض أمام محلات « الأجنبي « والشوارع والمساجد وغيرها . هل يعني أن المرأة لدينا لا تحتاج المال ولديها كفايتها ولديها قوت يومها وبعد غد ؟ هل المرأة ليس لها أي طموح وأهداف مستقبلية بتجارة ومال وثروة واقتصرناها على الرجل ؟ هل يعني نقبل بها « تتسول « وتتجه للجمعيات للبحث عن 800 ريال شهريا من الشؤون الاجتماعية , هل النساء لدينا خارج « التغطية « وليس لهن أي حقوق أو عمل ؟ الخلل أين في أن نقبل امرأة عاطلة أو متسولة ومحتاجة دائما ولا تجد فرصة عمل بمحلات تجارية ولا على الأرض ولا أي مكان , إذن، نحتاج « قرارا « وسن « قوانين « تفرض واقع قبول المرأة التي هي نصف المجتمع كحقيقة , أو أن نعطل دورها ونضخ ملايين الأجانب ببلادنا ونقبل بها فقيرة ومعدمة ومحتاجة مع كل ما يترتب على ذلك , فهل هذا هو المطلوب والمقبول ؟!