في موضوع أمس تناولت مظاهر تجاوز فتاوى الانغلاق لمظاهر الفقر المتعددة والموجودة في معظم مجتمعات العالم وتجاهلها، في حين اتجهت الفتاوى إلى تأكيد تحريم عمل المرأة، والعمل هو أول وقاية ضد الانحلال، مثلما أن الفقر دافع طبيعي لأي بائس أو بائسة نحو وسيلة إنقاذ عارضة.. إننا دائماً نلاحظ في كثير من الفتاوى أو المواقف الدينية من مستحدثات التطور الحضاري والعلمي كيف تُستخدم كلمة «السلف» لرفض ما هو جديد، باعتباره غير موجود في حياة ذلك السلف.. وبالطبع تستغرب أنه لا يوجد تحديد دقيق لمصادر قرار الرفض ومبرراته.. إن كل «سلف» على مدى 1400 عام قد تعرض لمعايشة تطوّرات اجتماعية وعلمية لكنها قليلة لا يمكن أن تقاس ولا ب 1٪ مما شاهده وعايشه الجيل المعاصر.. بل إن المجتمع البشري عموماً الذي نقلته العلوم الغربية إلى مكاسب ومعطيات حضارية تختلف مئات المرات في كل عشر سنوات عمّا قبلها منذ بداية القرن العشرين.. هل هو ليس بغريب أن يكون «السلف» المعاصر الذي سيكون حتماً «سلفاً» لجيلنا القادم.. أن نجده مصدر رفض لكل ما هو علمي قادم.. لمن يمارس حالياً هذه المهمة.. أمامنا شاهد تعديل موضوعي انطلق من جوهر إنسانية الإسلام ورفضه لأنماط حياة القبلية الجاهلية وعبوديّتها للأسرى ونهبها لأموال الغير.. فمثلاً في عصر عمر بن الخطاب رضي الله عنه تم منع بيع الجارية عندما تلد طفلاً والده مَنْ هي جاريته؛ باعتبار أن الولادة تحرّرها، ولم يرجع عمر بن الخطاب إلى سلف قبله فيطبق ما كان يحدث في عهده.. لأنه يعلم أن هذا أمر سوف يتم لو امتد الزمن بذلك السلف حيث التخلص من العبودية ضرورة، لكن بموضوعية تنهيها بذهاب جيلها آنذاك.. أمر آخر؛ أن الحروب التي انتشرت في العصر الأموي وبعده العباسي على أنها جهاد فملأت خزائن القريبين من الحكم بالأموال وسهّلت وجود الجواري في معظم البيوت، وارتبط كل مغنٍ أو شاعر بعشرات الأسماء النسائية، وأصبحت المئة جارية وجوداً طبيعياً في منزل الخليفة.. هنا أتى إجراءٌ تصحيحي آخر قام به الخليفة عمر بن عبدالعزيز حين أوقف تلك الحروب وأكد أنها تفتقد للمسببات الإسلامية.. ولم يكن هناك سلف اعترض على ما اتخذه كل من العمرين أو اعترض من ناحية أخرى على شيوع وفْرة الجواري في بيوت العامة وفي قصور الخلفاء..