لا زلت أذكر هذه التجربة المريرة في حياتي يوم أن سقطت واقعا على الأرض في أحد المجمعات التجارية، ولم تأت سيارة الإسعاف لنقلي إلى إحدى المستشفيات إلا بعد ساعتين ، ولم يكن وصولها نهاية للعذاب بل بداية له ، إذ أخذتني سيارة الإسعاف من مستشفى إلى آخر دون أن أجد سريرا ، واستمرت الرحلة أربع ساعات إلى أن وجدت سريرا في مستشفى خمس نجوم ، وحمدت الله أن مرضي لم يكن نوبة قلبية أو جلطة في الدماغ ، وإلا لكنت الآن في عداد الأموات، ولكن حظ مناحي الفرحان المواطن الجيزاني لم يكن كحظي إذ أصيب بجلطة في الدماغ ، ورفضت أربع مستشفيات حكومية في منطقة جازان استقباله ، مما تسبب في تدهور حالته الصحية ، ثم توفي لاحقا ، وبحسب أسرة المتوفى ، فإنه ظل يتنقل بين المستشفيات بغية الحصول على سرير تنويم داخل إحدى غرف العناية المركزة طيلة أربعة أيام ، ولكن محاولة ذويه فشلت في إيجاد سرير له حتى وافته المنية وهو في طريقه إلى إحدى المستشفيات ، والآن وبعد أن حدث، من نلوم؟ طبعاً يتجه اللوم أولا إلى وزارة الصحة التي ركزت كل مشاريعها في المدن الكبرى طيلة السنين الماضية، وأهملت بعض المناطق ، ثم ثانيا إلى عدم وجود طائرة إخلاء طبي تنقله إلى أقرب مدينة تتوفر فيها كل التجهيزات الطبية، وبعد ذلك نوجه اللوم إلى القطاع الخاص الذي ركز هو الآخر استثماراته في الخدمات الطبية في المدن الرئيسية، وأخيرا لا يسعنا سوى أن نقول حسبنا الله ونعم الوكيل.