تعرضت إلى السرقة أربع مرات في حياتي، الأولى كانت لسيارتي وأنا في المرحلة الجامعية التي وجدت «على التندة» بعد شوط من التفحيط، والثانية لجهازي المحمول في مطار سومطرة وهو يحوي مئات المشاهد لفيلم وثائقي أنتجته هناك، فغفت عيني على إثره انتظارا للرحلة لأستيقظ وحقيبة الجهاز مفقودة، والثالثة لهاتفي المحمول الذي وضعته في سيارتي وترجلت منها إلى صيدلية في شارع حيوي مزدحم، لأسمع جرس إنذارها وأعود ركضا لأكتشف كسر «المثلث» واختفاء الهاتف، والسرقة الأخيرة من ذوات «سريع سريع» لمنزلي في أول أيام عيد الفطر، حيث حملت يد السارق ماخف وزنه وغلا ثمنه من الأجهزة... وفي جميع الحالات السابقة ينطبق علي مثلنا العربي العريق «يداك أوكتا وفوك نفخ»، والاعتراف سيد الحقائق. مع كل جريمة سرقة تعرضت إليها، أغير من سلوكي الاعتيادي تجاه الموقف، فاستعضت عن السيارة الصغيرة التي يسيل لها لعاب «مقامري الأرواح» بأخرى كبيرة لا ربح لهم فيها، وارتفع سور المنزل أمتارا إضافية مع عدة من الأقفال المحكمة، ولم يفارق جيبي هاتفي المحمول واحتضن «اللابتوب» في كل موضع قلقا لا إعجابا، ولا ضير في قولي إني «موسوس» جراء تلك المواقف، فالعيار اللي ما يصيب يدوش... والسرقة ستبقى مشاعة مستمرة والسلوك الإجرامي لا يعترف بزمان أو مكان، حتى في عصر «المثل» النقي وجد السارق فكيف الحال بعصرنا؟. الجانب الذي أفكر فيه دائما هو في قدرة المجرمين على ابتكار الأفكار الجديدة واستغلالهم لعامل السذاجة المتأصل في بعضنا، وكلنا سمع أو شاهد عن مراقبتهم للمنازل عبر الملصقات الصغيرة التي يضعونها على قفل الباب الخارجي، أو حركة «اصدمه ثم سلم عليه واسرق سيارته»، ومراقبتهم لماكينات السحب المالي وتتبع الخارجين منها، وجل حالات السرقة الحالية تقتنص الخفيف ذا القيمة العالية «جوالات دبة غاز جنوط وكفرات»، الأمر الذي يشير إلى فئتهم العمرية ودوافعهم لامتلاك السيولة السريعة لشراء الممنوعات، ولا يسلم الأمر من «غباء» منقطع النظير كما في حالة النيجري الذي غلف «قوارير» مياه الشرب تغليفا مصنعيا وهي تحوي المسكر، وعند القبض عليه تفاجأ رجال الأمن بأن كل قارورة في الكرتون المغلف من شركة تختلف عن الأخرى!. ورد في الأثر النبوي أن المؤمن كيس فطن، وبعضنا حيال تلك المواقف «كيس قطن»، فخط الدفاع الأول يبدأ من ذواتنا ووعيها لئلا نكون لقمة سائغة، لا سيما إن تذكرت بأن سلطات المطار الإندونيسي أعادت إلي جهازي المحمول، ولا زالت السرقات الأخرى مقيدة رغم سنينها ضد مجهول!.